أحكام زكاة الفطرة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تجب الفطرة على كل مكلف إذا تحققت فيه الشروط التالية:-
1- البلوغ. 2- العقل وعدم الإغماء طوال ليلة العيد. 3- الغنى.
ويراد بالغنى هنا عدم الفقر، والفقير عند الفقهاء هو من لا يملك قوت سنة، لا الآن ولا في المستقبل، فالذي لا يملك قوت سنته الآن ولا بفعل الشغل مستقبلياً بأن كان لا يستطيع الاسترزاق، فهو فقير.
إذن يشترط أن لا يكون فقيراً، ومن باب أولى المسكين، فالمسكين أشد حالاً من الفقير؛ لأن المسكين هو الذي لا يملك قوت يومه لا قوت سنته فقط؛ لذا لا تجب الفطرة عليه.
طبعاً يكفي في هذه الشروط أن تتحقق قبل بعد الغروب من ليلة العيد ما دام وقت الفطرة باقياً كما سيأتي بيان وقتها.
ولأن الفطرة زكاة وعبادة؛ لذا يجب فيها قصد القربة لله تعالى.
بالنسبة لغير البالغ ومن يعولهم الأب من الأبناء وما شاكل، فهؤلاء يجب على نفس معيلهم -وهو الأب كما في المثال- أن يدفع زكاة الفطرة عنهم.
ولو كان الولد الذي يعيله الأب مسافراً أو يدرس في الخارج، أو كان الولد كبيراً مثلاً، فيجب على معليه أن يخرج الفطرة عنه ما دام معيلاً له.
لكن لا يجب أداء الفطرة عن الضيف إذا لم يكن في نظر العرف أنه ممن يعيله مضَـيِّـفه، سواء نزل ضيفاً عنده قبل ليلة العيد أو بعدها، كالسباك والحداد مثلاً لو استأجرهما للعمل في بيته ليلة العيد.
نعم؛ إذا عُدَّ الضيف عرفاً ممن يعوله المضيِّف، فهنا يجب دفع الفطرة من المضيِّف عن ذلك الضيف؛ تماماً كما لو نزل عند شخص ضيف في ليلة العيد قبل المغرب من ليلة العيد أو بعد المغرب فبقي عنده بعنوان الضيافة.
أما بالنسبة للذي فطرته على غيره، كالأبناء الذين لا زالوا تحت إعالة أبيهم، وكالضيف، فهؤلاء لو لم يقوم المعيل بتأدية الفطرة الواجبة عليه عنهم، فهنا يجب على كل واحد منهم أن يؤدي الفطرة عن نفسه بشرط أن تتحقق فيه الشرائط السابقة، وهي:
العقل، والبلوغ، وعدم الفقر؛ وإلا إذا لم تجتمع الشرائط في ذلك شخص فإنه لا تجب عليه الفطرة بعد عصيان معيله الذي لم يدفع فطرته.
الغني لو كان مَن يعيله فقيراً فإن فطرته يجب هو أن يدفعها نفسه إذا تحققت فيه باقي الشرائط السابقة -وهي العقل والبلوغ- ، فالغني في هذه الحالة يجب عليه أن يدفع الفطرة عن نفسه ولا يكفي -على الأحوط وجوباً- أن يدفعها عنه ذلك الفقير الذي يعوله، تماماً كما لو كانت البنت غنية وأبوها فقير مثلاً.
السائق والخادم والخادمة، إذا كانوا ممن يعولهم، فيجب عليه أن يدفع فطرتهم هو، بخلاف ما لو لم يكونوا ممن يعولهم، إذ لا يجب دفع فطرة من ليسوا تحت إعالته.
لا تحل فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، والعبرة بحال نفس معطي الفطرة، وليس العبرة بعياله؛ فمثلاً لو كانت زوجته هاشمية وهو ليس هاشمياً، فالفطرة التي يدفعها عن زوجته لا تحل للهاشمي؛ لأن المعيل ليس هاشمياً في هذه الصورة؛ أما لو كان هو هاشمياً وزوجته غير هاشمية فهنا يجوز دفع الفطرة للهاشمي؛ لأن نفس المعيل الدافع هاشمي.
مسألة:-
يستحب للفقير إخراج الفطرة عنه وعمن يعوله، فإن لم يجد غير صاع -أي 4 أمداد ويساوي أيضاً 3 كيلو غرام تقريباً- جاز له أن يعطي ذلك الصاع عن نفسه لأحد أفراد عائلته، وهذا الفرد من العائلة يعطي بدوره ذلك الصاع إلى فرد ثاني من العائلة، والثاني يعطيه فرداً ثالثاً من نفس العائلة، والثالث يعطيه الرابع، وهكذا يفعل جميعهم حتى يصل الصاع إلى الأخير منهم، ثم يقوم هذا الأخير بإعطاء ذلك الصاع إلى فقير غيرهم.
ولا يجب الترتيب هنا في تناقل الصاع بينهم أن يكون تناقلاً من الولد الكبير إلى الولد الصغير، فتكفي أي طريقة يتداولون بها ذلك الصاع. فهذه الطريقة مستحبة للفقير لأنه لا تجب عليه الفطرة بسبب فقره وسقوط شرط الغنى.
مقدار الفطرة الواجبة هو (صاع)؛ أي 4 أمدد، أو 3 كيلو غرام. ويجب أن تكون الفطرة من الغذاء الشائع لأهل البلد، كالطحين والزبيب والتمر وما شابه، فكل بلد بحسب ما هو شائع فيه من الغذاء.
ويجب -على الأحوط وجوباً- أن لا يخرج الفطرة من الطعام الرديء، فيفي إخراجها من الطعام المتوسط. ولا يجب إخراج الفطرة من نفس طعام البيت، بل يكفي أن يشتري الطعام ويدفعه. ويجوز دفع القيمة بدل ذلك أيضاً.
وأما وقت وجوب الفطرة فتجب قبل صلاة العيد لمن يريد أن يصلي الصلاة، وأما من لم يصلِ الصلاة فيمتد وجوب الفطرة له إلى أذان صلاة الظهر.
وبالنسبة لصلاة العيد فهي غير واجبة في زمن غَيبة الإمام المعصوم عليه الصلاة والسلام، لكنها مستحبة ومؤكَّد على استحبابها في الشريعة وثوابها عظيم لا ينبغي للمؤمن الزهد فيه، فهي تطهر الروح وتنير الباطن وتبارك له في عيده كما أن لها معنويات إلهية خاصة.
ويستحب تقديم الفطرة لفقراء الأرحام والجيران وتقديمهم على سائر الفقراء الآخرين، وينبغي تقديم العالم وصاحب الدِّين من الأرحام والجيران على غيره من أولئك الأرحام والجيران، فالمتدين مقدم على غير المتدين منهم.
أما شارب الخمر، وتارك الصلاة والمتجاهر بالفسق فلا يجوز شرعاً إعطاء زكاة الفطرة لهم.
وتتعين الفطرة بعزلها، فلا يجوز التصرف بها بعد عزلها، فلو عصى وتصرف بها فيجب عليه أن يدفع عوض ما أخذه منها، نعم لو عزل مقداراً يزيد على الواجب دفعه، فله أن يسترجع الزائد من ذلك المقدار المعزل.
نسألكم الدعاء.
عيدكم مبارك، أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركة، وكل عام وأنتم بخير.
السيد أمين السعيدي حفظه الله.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا