ما هي أعمال العمرة كاملة؟
سؤال وجواب مع سماحة السيد أمين السعيدي
• السائلة:
السلام عليكم سيدنا ماهي أعمال العمرة كاملة لو تفضلتم سيدنا وفقنا الله وإياكم لزيارة بيته حجاج ومعتمرين. نقلد السيد السيستاني وفقكم الله سيدنا وأنار دربكم بالإيمان والتقوى
• جواب السيد أمين السعيدي:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تقبل الله أعمالكم
أيُّ العمرتين المقصودة؟ المفردة أم التمتع؟
* العمرتان تشتركان في أعمال، وتختلفان في أعمال؛ فالذي تختلفان فيه هو:
1- عمرة التمتع تقع فقط في أشهُر الحج الشرعية؛ وهي كلٌّ من شهر شوال، وشهر ذي القعدة، وذي الحِجّة، بينما تقع وتصح المفردة في جميع شهور السنة، بل تستحب في كل شهر مرة عن الشخص الواحد، وأفضل أوقاتها شهر رجب الأصب؛ فإنّ ثوابها فيه مضاعفٌ عظيم جداً لا يفوََّت، ثم يليه في الفضل العمرة في شهر رمضان المبارك.
2- يَلزم أن تتحقق عمرة التمتع وحجُّها في عام واحد وفق التفاصيل المذكورة في محلها، وهذا بخلافه في المفردة؛ حيث إنّ الذي يجب في ذمته حج الإفراد والمفردة معاً فإنه يصح له الإتيان بالحج في عام، والعمرة في عام آخر.
3- العمرة المفردة يَلزم فيها طواف النساء، بخلاف عمرة التمتع؛ فلا يَلزم؛ فطواف النساء يكون حينئذٍ في الحج.
4- وتختلفان في أنّ مَن تَرك طواف عمرة التمتع أو تَرك سعيها جاهلاً بوجوب ذلك أو الإتيان بذلك باطلاً للجهل ببعض شروطه؛ فإنه يؤدي إلى بطلان عمرته إذا لم يحصل التدارك قبل انقضاء وقتها؛ بينما مَن تَرك الإتيان بطواف أو سعي المفردة جهلاً بوجوب ذلك أو الإتيان بذلك باطلاً للجهل ببعض شروطه؛ فإنه لا يؤدي إلى بطلان عمرته؛ فيظل على إحرامه ولا يخرج منه إلا بالعودة لمكة والإتيان بالطواف والسعي وإن طالت مدة عودته.
5- وتختلف العمرتان في مسألة إفسادهما بالجِماع؛ فإنّ الجماع مثلاً في العمرة المفردة عن علم بإفساده وبعمد قبل أن ينتهي من السعي مفسِدٌ للمفردة دون إشكال؛ فتجب عليه إعادتها بأن يبقى في مكّة لا يخرج منها إلى الشهر الآتي فيقوم بإعادتها فيه، وهو بخلاف حكم الجماع في التمتع.
6- في التمتع ينحصر الإحلال من الإحرام بالتقصير فقط ويوفّر شعره للحج، بينما الإحلال من الإحرام بالمفردة يحصل بالتقصير وبالحلق، والحلق هنا أفضل وأثوب. طبعاً الحلق للرَّجُل؛ أما المرأة فيتعيّن عليها التقصير سواء في التمتع أو المفردة ..
** وتشترك العمرتان في الأعمال التالية مما لهما اشتراك فيه إلى ما قبل طواف النساء كما سياتي، والظاهر من السؤال قصْد خصوص أعمال العمرة المفردة؛ فيُتَّبع الأعمال الآتية الخاصة بها.
فأعمال العمرة المفردة سبعة أمور (حسبَها الفقهاء سبعة باعتبار تبعية الصلاة لطوافها، كما يمكن أيضاً حسابها سبعة باعتبار وحدة جِنس الطوافين –طواف الزيارة وطواف النساء- ووحدة جِنس الصلاتين –صلاة طواف الزيارة وصلاة طواف النساء-)؛ وهذه الأمور السبعة هي النية وحضور الميقات ولبس الإحرام والتلبية ثم بعد ذلك حضور البيت الحرام والطواف بالكعبة سبعاً طواف الزيارة، ثم الصلاة خلف المقام ركعتين بِنيّة ركعتي الطواف، ثم السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط ثم التقصير ثم الطواف بالبيت سبعاً طواف النساء ثم الصلاة خلف المقام ركعتين بنيّة ركعتي الطواف. وبهكذا تنتهي العمرة.
*** بيان:
أما الإحرام؛ فتجب فيه ثلاثة أمور؛ هي:
1- النِّيّة؛ ولا يجب فيها ولا في غيرها من النية التلفظ، فيكفي القصد بمجرّد وجود الارتكاز القلبي بحيث لو التفت أو سأله أحد ماذا تَفعل لَارتكز قصده بأنه يَفعل ما يفيد نيّته للأمر، بل ويكره عندنا التلفظ بالنية اللهم إلا للتعليم والتوجيه.
2- لِبسُ الرَّجُل ثوبَي الإحرام. ويمكنه لبسه من بيته أيضاً فلا يجب لبسه من الميقات.
3- التلبية مع النية؛ بحيث يُحْرِم المعتمِر الآتي من خارج مكة من أحد المواقيت، بخلاف من في مكة أو الذي غادر مكة إلى ما دون المواقيت كعرفات وجدة وأراد العودة للعمرة؛ فإنهما يحْرمان من أدنى الحِل كالتنعيم -يبعد 6كم عن مكة- والحديبية -تبعد 15كم عن مكة- والجعرانة -تبعد 16كم عن مكة- فلا يجب عليهما الذهاب للمواقيت للإحرام منها باستثناء حالة مَن أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي كما تَقدَّم. وكذا الذي سكنه فيما دون المواقيت إلى حدود مكة -مثل المقيم في جدة- فيحْرم من منزله.
ويكفيه في التلبية قول: (لَبَّيْكَ اللّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنََّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ لا شَرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ).
فمتى لَبَّيت انعقد الإحرام حتى لو لبست الإحرام من بيتك واغتسلت في البيت، فانعقاد الإحرام يتم بالتلبية في الميقات لا باللبس والاغتسال.
4- وأما الطواف؛ فيبدأ من الحَجَر المبارَك الأسود منتهياً إليه، بحيث لو بدأ الدخول في صحن المَطاف قبل أو بعد الحَجَر فإنه يُتِم دورته –كي لا يؤذي الطائفين- إلى أن يصل للحَجَر الأسود فيبدأ العَد. ويجب مراعاة واجبات الطواف؛ كعدم إعطاء الكعبة الدُّبُر أثناء الطواف وعدم الدخول في الشاذروان ..
وأما الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام؛ فمثل صلاة الصبح، ولا يجب الكون خلف مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام مباشرة، بل يكفي الصِّدق العرفي بكونه أمام المصلِّي كالإمام حتى لو كان المصلي خلف المقام عن يمينه أم عن شماله بالمقدار المتعارَف، ويجب عدم الرجوع خلف المقام كثيراً بالحد الذي يَصْدُق عليه الفاصل الكبير السالب لِصِدق إمامته للمصلي.
5- وأما السعي؛ فيبدأ بالصفا منتهياً بالمروة، وكلُّ ذهابٍ يُحتسَب شوطٌ وكلُّ إيابٍ شوط، ولا يَلزم الصعود على جبلَي الصفا والمروة لأعلاهما وآخرهما، فيكفي الصعود على مقدار بسيط متعارَف، سيّما الصفا؛ فإنه يكفي الصعود على مقدار بسيط منه، بينما المروة فباعتبار حال البناء عليه فالصعود للكثير من مقداره حاصلٌ.
6- وأما الحلق للرَّجُل أو التقصير للرَّجُل والمرأة؛ فيَقص المعتمِر شيئاً من الرأس، ويَقدر الرَّجُل أن يَقص من اللحية أو الشارب بدلاً عن التقصير، وسَبَقَ أنّ الحلق أحسنُ للرَّجُل وأثوب، بينما المرأة تقصر من شعرها فقط ولا يَجوز لها الحلق؛ فإنّ الشَّعر زينتُها وحلقُهُ تشبُّهٌ بالرِّجالِ ملعونٌ والعمرة تقرُّبٌ لله تعالى، ولا يَحْصَل التقرُّب بالمبَعِّد عنه وهو ارتكاب ما لَعَنَ وحَرَّم. ويكفي في التقصير أَخْذُ شيءٍ بسيطٍ جداً من الشعر.
وبالتقصير -أو الحلق مِن الرَّجُل- يتم الإحلال من إحرام العمرة المفردة ..
7- وأما طواف النساء (وهو مِن جنسِ الطواف الأول)؛ فيطاف كطواف الزيارة تماماً، ثم يليه صلاة الطواف وهي كالصلاة المتقدِّمة؛ فتتم بالصلاة أعمال العمرة بحمد الله تعالى، وبتمامية طواف النساء يحل الجماع والاسمتاعات الزوجية التي حرَّمها الإحرام.
وللعمرة مستحبات كثيرة جليلة؛ منها استحباب الغسل للإحرام، ولا يجب الغسل في الميقات، فيمكنه الاغتسال في البيت. واستحباب الدعاء بالمأثور عند الإحرام وفي الطواف، واستحباب الهدي في العمرة المفردة ويذبح في مكة المكرمة، وغير ذلك.
أسألكم الدعاء الخاص.
أمين السعيدي – قم
٢٣جمادى الأول١٤٣٧هـ
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا