لا ندخل في الإصلاح إلا بعد ظهور المهدي (ع) !
•من سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
هنالك معتقَدٌ سائدٌ ، مفاده أن لا يُخاض في قضية الإصلاح ، وأن يــَـتم إشاعة ثقافة الصبر والانتظار إلى حين خروج المهدي إمام الزمان صلوات الله وسلامه عليه . وقد يــَـعتمد أصحاب هذا المقولة على مبدأ العصمة ، وأن أمر الإصلاح شأن خاص بالمعصوم الأعرف بالأمور جمعاء، المحيط بالعلل والعواقب، العارف بتشخيص الظروف ومواضع الفعل والترك. ومن الواضح أن الإيمان بالإمام المهدي (ع) الذي يخرج في آخر الزمان ، يمثِّل عقيدة عامة يــَـعتقد بها جميع المسلمين ، إلا من شذ ، والشاذون عن هذا الاعتقاد الثابت أفرادٌ قلة ، يــُـعَدّون على الأصابع ، ولا يمثِّلون طائفةً ، وليس لهم أتباع ومقلدون بالنحو الدارج بين المسلمين.
وعلى أيٍّ فهؤلاء لا يسلبون الإجماع عن صفته في هذه المسألة ، فإجماع المسلمين على أنّ قضية المهدي عقيدة إسلامية ، وأنه يخرج آخر الزمان لا يــَـنثلم ولا يتزلزل ببعض الشواذ، خصوصاً وأنهم متاخرون زماناً عمَّن هم المقياس في إجماعات الأمة ،
وخصوصاً أنه ليست لديهم أدلة ذات قيمة يمكن الاعتبار بها في هذا المورد، بل إن القضية من المسائل القطعية ؛ فهي متواترة ليس للتشكيك فيها طريقٌ إليها.
ثمَّ إنّ هنالك فارقاً بين المسلمين في القضية ، لا يرتبط بأصل الاعتقاد بها ، وإنما يرتبط بجزئية من جزئيات المسألة ، وهي أن المهدي (ع) موجود تمت ولادته أم سيولد ويوجد في آخر الزمان؟ الشيعة كلُّهم ومجموعة من علماء إخواننا السنة يذهبون إلى أنه تمت ولادته ، وأنه موجود اختفى عن الأنظار إلى حين
مشيء الإرادة الإلهية في ظهوره آخر الزمان ، وهنالك فريق آخر في قبال هذا الفريق ، يقول بأن المهدي (ع) لم يولد ، وولادته وخروجه كلاهما سيقع في آخر الزمان معاً.
والذي نريده من كل هذا ، هو أن المقولة القائلة بعدم الخوض في (الشأن الإصلاحي) وتوطيد (الصالح العام) ، والتحلي بالصبر والانتظار إلى حين خروج إمام الزمان ، تشمل كل من الفريقين ، سواء الفريق القائل بأنه وُلِدَ ، أو الفريق القائل بأنه لم يوْلَد ، وهذا أمر واضح لا لجاج فيه ، غايته أن هذه المقولة:
قد تَظهر في الجانب الشيعي أكثر من ظهورها في الجانب السني ذلك باعتبار التركيبة الفقهية والعقَدية العامة لإخواننا السنة، وسيطرتهم على أغلب البقاع الإسلامية، في قبال كون الشيعة جماعة مضطهَدة مظلومة مستضعَفة ومستلَبة الحقوق.
لذا؛ من الطبيعي أن يــَـظهر مثل هذا القول بين هذه الطائف المغلوب عليها، ولو من باب منحِ النفس شعوراً بالطمأنينة والأمل، والتصبر على المحن والبلاء.
والمهم في مقامنها هو أن نناقش هذه المقولة على أساس (مبدأ الإصلاح) ، ونقيمها من جهة الصواب والبطلان ، بإخضاعها للدليل والبرهان ، وبالجملة هي مقولة باطلة ، لا تَقوى على مقاومة أبسط النقود التي سنذكرها.
السید أمين السعيدي
5محرم الحرام1435هـ – قم المقدسة
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا