إرهاب الأحساء، قراءة وتحليل للواقع والوقائع
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وعلى صحبه الأخيار المنتجبين، وبعد..
لم يكن حادث الأحساء الأول من نوعه ولا الأخير، وكلنا نعلم بأنه في ظل الظروف القائمة لن يُسجَّل في تاريخ البلاد على أنه خاتمة السفك الجماعي المروع.
إننا نعزي أهل الأحساء والصادقين في هذا الوطن الجريح، وطن القرآن الذي تشرَّف بظلال أجنحة جبرائيل وعظماء الملائكة وعلى رأسهم أعظم رجل في تاريخ البشرية، وإنه ليحزننا أن يكون البلد الذي على هذا الشرف أن يكون مَنْظراً للعالَم ومثالاً للظلم والرذيلة وفقد الأمن وانهيار المجتمع.
إنّ الوقفة الفذة لإخوتنا النبلاء أهل القصيم ووالد الفتى الضال المعتدي، على رغم بساطتها وقلة عديدها، مثلت جزءً من البلسم المتعذر نيله في هذه الأيام المتعبة والظروف الحرجة المحزنة.
لقد سبق –ونعيد بصوتٍ مبحوح ونفسٍ كارهةٍ للتكرير- أن ولاة الأمر والدولة هي الجهة الوحيدة التي بمُكْنَتِها إقامة السلام والأمان، وليس من أحد يقدر أن يزايد على ذلك، إلا أن خُطى الدولة في هذا الجانب بطيئة، وبطؤها أشد من أن يوصف؛ فلقد كان قرار مجلس الشورى في جلسته (العادية!) الـ48 برفض تشريع نظام تجريم الطائفية المقدَّم من مجموعة من أعضائه استناداً للمادة الـ23 من نظام المجلس، صدمة فَظة لا يمكن استيعابها عبر أي مرحلة من مراحل الزمن؛ وهو ما أدى للتشجّع والجرأة من أطراف عدة بالإقدام على ممارسات شنيعة بأحداث متتالية ومتسارعة في غضون الأيام القليلة القريبة؛ كان آخرها استهداف مسجد قيادة قوات الطوارئ الخاصة بعسير؛ نتج عنه استشهاد أكثر من عشرة رجال أمن وجرح مجموعة ترْبو على الخمسة والثلاثين من الغرباء البنجلادشيين العاملين فيه للقوْت وغيرهم. وهتافات طائفية بذيئة ومؤسفة، في حاضنة مدينة بريدة، من جماهير أحد أندية كرة القدم المحلية قِبال ضيوفهم، سُمِعَتْ على شاشات التلفاز أمام جميع العالَم؛ وُوجِهتْ بحمد الله بصبر وبصيرة وحكمة من جماهير أبناء نادي الخليج التابع لمدينة سيهات، وإدارييه، في الموقع، وأبناء الطائفة جمعاء في خارجه. واعتداء هجين سافر ومخجل آخر في مباراة محلية لليد أقيمت في القصيم؛ قام به جمهور ولاعبو الفريق وغيرهم ضد أبناء وطنهم الأحسائيين -لاعبين وإداريين ومدرب- الذين كانوا ضيوفاً عندهم، خلافاً لأبسط المواثيق الإسلامية وأدنى معايير التعايش الوطني والقومي في دولة جامعة، تَكرَّر في دفعتين؛ الأولى بعد انتهاء المباراة، والثانية بعد تفريق الأمن للجمهور وإخراجه؛ حيث تسلح بالأخشاب وغيْرِها من أدوات جارحة فعاود الاعتداء على أبناء الأحساء، تلاها إيقاف لبعض المصابين المعتدى عليهم بدل المبادرة الإنسانية والدينية .. العاجلة بإسعافه. ولافتة على المدرسة المتوسطة العشرين في مدينة الدمام تضمنت جملة عابرة صدرت في زمن التحضر العالمي! مكتوب فيها (علي ولي الله)؛ أُثير على إثرها موجة واسعة من التهجمات ضدها، وكان على رأس المعترضين الإدارة العامة الرسمية للتعليم بالمنطقة التي أصدرت معلنة أمام كل الشعب سرعة المبادرة لإزالتها كما تزال القنابل دون اكتراث بمشاعر شريحة واسعة من المواطنين الشيعة فوَجَّهتْ بالتحقيق السريع والعاجل للكشف عن أسباب هذا الخرق الفظيع الذي سمّته مخالفة سيتم بحقها اتخاذ الإجراءات النظامية، على رغم أن القرآن ينص صريحاً بذلك ومبتدئاً بحرف التوكيد .. بقوله {إنّما وليُّكُمُ اللهُ ورسولُهُ والّذِينَ آمَنوا الّذِينَ يُقِيمونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُم راكِعُون}[المائدة: 55] فقد أجمع المفسرون على أنها نزلت في علي كما أن حديث الغدير المتواتر القطعي ينص صريحاً بعبارة “مَن كنتُ مَولاه فهذا عليٌّ مَولاه”، ونؤكد على كلمة الإدارة: (اتخاذ الإجراءات النظامية)، ذات المعاني الكبيرة والمَغازي الخطيرة. ثم أخيراً –وليس آخراً- حادث مسجد حي المحاسن الذي ذهب ضحيته رجال أمن وعشرات المواطنين الأبرياء، بين جريح وقتيل، فقدوا على إثره أعزة رحلوا مخلِّفين وراءهم الثكلى والأيتام.
والحق أنه ليس لمجلس الشورى أي عذر في رفض البدء بدراسة وتحرير القانون الضروري الهام، سيما في هذه الأوضاع المتزمتة والتراكمات المتفلّتة؛ فإنّ جميع حججه الدائرة تكمن وتتلخَّص في نقطة مركزية تَعود فروعها إليها؛ هي المادة الـ12 من نظام الحُكم الأساسي المؤكِّدة على أن (تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وأن الدولة تمنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام)؛ وهي لا تكفي للتشبّث بها؛ لأنّ تشريع القانون لحماية الوحدة الوطنية والحفاظ عليها ونظام تجريم أي خرق لضوابطه شيء، وهذه المادة الجليلة الموقَّرة المقرَّرة في دستور الدولة شيء آخر؛ فالمادة الـ12 لا تقرِّر الاجتراحات والأفعال والتعديات وعقوباتها وتجريماتها حتى يدَّعى عدم وجود فراغ تشريعي يستدعي إقرار قانون جديد ويُحتج لذلك بناءً على أن البند التشريعي للوحدة في النظام الأساسي مستمَد من القرآن والسُّنة، مع لحاظ التصارعات الفسيحة على مفادات القرآن والسنة بهذا الشأن رغم وضوحها التام، ناهيك عن أن المادة مُجْمَلة، والحال أننا نتكلم عن نظام شعب ووطن وحقوق وأفراد، وهو ما يستلزِم التفصيل، مضافاً للخرق الفعلي المصادِم لهذه المادة الآتي الكلام عليه؛ فإنّ الدول لا تقاد بقوانين إجمالية مختصرة، سيما في المسائل الحساسة والحرجة من هذا النوع؛ لذا يلزم التفريق بين الدستور الأولي الذي يمثِّل كليات عامة، وبين النظام والقانون الثانوي الذي هو حصيلة تفاصيل واضحة وكاملة تحت مظلة الدستور وكلياته. وهذا كله يتعارضاً تماماً مع تصريحات مِن داخل المجلس تحذِّر مِن تحميل مواد النظام الأساسي للحُكم تبعات تقصير بعض الأجهزة في ملاحقة المحرِّضين! فإنّ النُّظم التفصيلية كثيراً ما تتجدد في مُجْمَل الحركة التقدمية والمتغيرات العارضة، زدْ عليه أنه لا يوجد نظام يستطيع أن يدعي لنفسه العصمة، وإلا كان هذا بذاته طعناً في تشكيل نفْس المجلس من أساس؛ وإلا فلماذا يؤسَّس المجلس وما شابهه؟!
ونفسه الحجة المتكئة على أن فكرة حماية الوحدة الوطنية تتم من خلال أنظمة إجرائية متعددة ومتنوعة تتضافر فيما بينها، لا من خلال نظام واحد لن يكون قابلاً للتنفيذ بسبب عموميته! فإنّ هذا الادعاء ركيك لا يصمد أمام المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عواتق المتصدين؛ إذ من قال بأنّ على مجلس الشورى أن يقوم بتنفيذ مضمون الألف والياء؟! فإنه من البدهيات الواضحة والمبادئ الناصعة أنّ أجهزة الدولة تكمل بعضها البعض في حلقةٍ مترابطةٍ متعاضدة، وأنّ على المجلس أن يؤدي مهمته ومسؤوليته الكبرى ثم يأتي دور غيره ليشيِّد البُنيان تحت نظره ومتابعاته ضمن صلاحياته الموكلة إليه. وخير مثالٍ قريب على ذلك دولة الإمارات التي كانت السَّبَّاقة في مثله هذه المرحلة لذلك دون أي تذرعات لا قيمة لها أمام الخطر الكبير المحدق بالشعب كله، رغم أن قانون نظام دولتها الأساسي يكفل أيضاً هذا البند؛ وبذلك حصَّنت نفسها ورعيّتها استباقياً عن الانهيارات السوداوية المحتملة التي قد تَفغر في أي لحظة. وإلا فإنه في حالة تقصير أو قصور المجلس يأتي دور ولاة الأمر أنفسهم للتصدي المباشر فوق كل الاعتبارات المنثلمة، ودون أي تحرُّج من هكذا خطوة لازمة وفاخرة؛ حيث إنها مبعث اعتزاز ومَفخرة.
أما الحلول الصغيرة والخجولة –المُقَدَّرة المشكورة- الطافية على السطح الآن وبعد كل هذا التسويف والترقب والمراهنة؛ فإنها لا تنْقضُ عُقدة ولا تَعْقدُ حلاً؛ فالكبير لا يُحل إلا بكبير؛ لا بإجراء عابر يتمثل في إنشاء حراس بمعدَّل حارس رسمي لكل مسجد ..؛ فإن هذا الإجراء -ونظائره- يعني المزيد من الوجل والمزيد من غرس الخوف في نفوس الرعية وتكليف الوطن صحياً ومعنوياً وعملياً ..؛ فهو في حقيقته حل جزئي جداً قابل للتفادي بوجوه عدة من جهة، ومن أخرى تجذير لمشكلة عارضة قامت على ظهر الإرهاب المتين الذي ظهر على الساحة بلباسه وتكتيكاته الجديدة، وإنّ التكتيكات الكبرى لا تواجَه بتكتيكات صغيرة جداً لا أثر لها في قِبال حجمها ودقتها، بل تواجَه بما يساويها في القوة ويساوقها في الطرد لتحقق نتاجاً مثمراً وطيباً ملموساً؛ وهو ما سيكون لاغياً حتى لأصل فكرة وضع حارس رسمي لكل جامع ..؛ فإنّ الأمن إذا استتب بقلع جذور موانعه؛ لا تبقى حاجة لهكذا حراس، وإلا سوف نبقى على الدوام في حاجة لهكذا نوع من التدخل والعمل والزيادة في الأعداد يوماً بعد يوم؛ وهو من جهة –كما قلت- يبطل الأمن ويجذر مشاعر القلق، ومن أخرى يجهد كاهل الدولة، الدولة التي تعاني ميزانيتها شرخاً كبيراً وباهظاً، سيما في ظل انحسار أسعار البترول إلى القِيَم السوقية الدنيا، حتى باتت علبة زيت الطبخ أغلى من برميل النفط بفعل الأسباب والتراكمات التي بحثها موكول لمحله.
ومن جهة جوهرية أخرى؛ فإنّ نفس هذا التباطؤ والرهان على أمور لا تمت للواقع والعلاج بصلة، هو العلة الكبرى لِطرو الخوف بعد كل حادثة من وقوع فتنة مذهبية تأكل كل المقدَّرات؛ فلماذا؟ وهل من الصواب المكابرة على حقيقة خطيرة كهذه والقول في كل مرة بأنه لن يحصل شيء فأبناء البلد متكاتفون؟! هل هذه هي الخطوة الصحيحة في المكان الصحيح للبت في معالجة قضايا مركزية كبرى كهذه؟! أم المبادرة العاجلة لوضع حلول حقيقية وعملية تكفل تحصين البلاد والعِباد؟ فالثورات التي قامت في البلدان الأخرى لم يكن أحد يتكهَّن بها إلا صُنّاعها، وحتى مَن دبَّروها كانوا على ظن بنجاحها أو فشلها، والحال نفسه في كل بلد، ولا سبيل للخلاص إلا بعقد بنود هذا القانون السامي بكل إقدام.
وعلى هذا النسق، وتفرعاته المتغايرة والمتعددة، تتقوم الطريقة في جميع الامتدادات التالية التي تتعارض وتتصادم تماماً صريحاً وبقوة مع المادة الـ12 من قانون الحكم الأساسي، وهي:
1- المبادرة العاجلة بتنقية وتزهير مناهج الدراسة؛ فإنها مشحونة بالكثير من الموضوعات المتعارضة تماماً وصريحاً مع المادة المزبورة؛ مما ينقض الحجج المتقدمة المُدّعاة ..
2- رفع وإلغاء الخُطب الطائفية التحريضية التي تقرأ علناً في المَجْدَين الحَرامَين، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمبثوثة علناً عالمياً في الشاشات الرسمية؛ وهي الأخرى ناقضة للحجج المتقدمة ..
3- إعطاء جميع المذاهب حقوقهم الكاملة في ممارسة طقوسهم الدينية المفروضة عليهم التي يعتقدون بها مادام ليس في ذلك اعتداء على أحد، سواء في الحرمين الشريفين –خصوصاً الحج والمسجد النبوي والبقيع وأطرافهما- أم غيرهما من المدن والأراضي التي يقطنونها منذ القِدَم .. ومن ذلك إعطاؤهم الحق القانوني بتشييد مساجد وحسينيات ودور عبادة على طريقتهم كغيرهم.
4- فسح المجال للحريات الفكرية للجميع وعدم تضييق الخناق على العاملين في هذا المجال ما لم يتجاوزَا المقرَّر العادل. وفي هذا المضمار يفسح المجال للشيعة والإسماعيلية في تأسيس مجلات وجرائد وقنوات رسمية ومدارس علمية كغيرهم دون تضييق.
5- ترك الطريق مفتوحاً لكل فرد أن يختار المذهب الذي يقتنع به في ظل الحوارات العلمية الهادفة الصحية والتتبعات الشخصية؛ فإنّ الله تعالى يحاسب الإنسان على قَناعاته ويقينياته وقطوعه لا على قناعات ويقينيات وقطوع جاره!
6- عقد المجالس الثقافية الجامعة المؤلِّفة بين قلوب أبناء الوطن، وتغليب التركيز على مبادئ الشراكة الترابية والمشتركات الدينية والأخُوّة الإنسانية وليدة ماء أبينا الواحد آدم ورحم أمنا الواحدة حواء وأنّ الحياة والكرامة مِلْك الجميع لا يحق لأحد أن يَستأثر بهما لنفسه ومَن هم مِن قِبَلِه كما أراد القرآن بتأكيده المتكرر في قوله الصريح المفْرَد {1- واعتصِموا بحبل الله، 2- جميعاً، 3- ولا تفرَّقوا} وقوله عز وجل {ولقدْ كَرَّمْنا بَني آدمَ} .. والنبي الحكيم الرحيم صلى الله عليه وآله وصحبه الطيبين الذي كان جاره يهودياً يتبايع معه ويَرتهِن منه، وأحاديثه الكثيرة المغمورة المشهورة، سيما مؤتمرات الوحدة في البُنية الفكرية الفوقية، لكن بطراز مؤتمرات داخلية تَجمع العلماء المتخصصين والنُّخَب الموازنة لهم، تكون غير مؤتمرات الوحدة الإسلامية، مع تفعيل قوي لمستخلَصاتها، وكذا تحشيد المناهج المدرسية والقنوات الرسمية والمعرفية بذلك في البُنية المتوسطة والتحتية.
7- رفع التعقيدات والتضييقات المفروضة على طباعة كتب المذاهب الأخرى في مساحة المتاح للمذهب الأكثر في البلاد.
8- فتح المجال لترويج ونشر الكتب المذهبية للجميع في حدودها العادلة.
9- تمهيد الأرضية لبروز مرجعيات دينية محلية بديلة عن التقليد لعلماء الخارج، وإحفاؤهم بالتوقير والاحترام والمشورة والخصوصية والتسهيل؛ فإنّ هذا من شأنه أن يذلل الكثير من الصعوبات، ويقارِب بين الرعية وولاة الأمر ويرفع مشاعر القلق، والتذمر، ويجعل التشخيص لدى العلماء بالمصالح محلياً عن قُرب أكثر دقة، كما أنه يوفِّر أموال الزكوات ويشيِّد بها اقتصاد الوطن والمواطنين ويُسهِم بحاجياتهما فيرفع عن كاهل الدولة كثيراً من الأحمال والأعباء؛ فإنّ التقليد الديني من المكلَّفين للعلماء مسألة مَحْضَة لا شأن لها بالاعتبارات الزائدة التي لا يَحتملها واقعها الحقيقي التي عليه، سيما عند إجادة التعامل معها بمرونة وودية وشفافية جيدة.
10- إتاحة التعليم الديني في المدارس الرسمية لجميع الطوائف، وعدم حكرها على مذهب خاص؛ فإنّ التدريس في المدارس الرسمية للمواد الدينية لا يزال ومنذ سنين مديدة حكراً على جهة معيَّنة. وهذا يتحقق بكل أريحية عندما تكون المناهج الدينية –وفق المتقدم في البند الأول- عامة وصحية تتناسب مع المشتركات وتهتم بتقديم أسس البحث والتقصي والاختيار ولا تتدخل في التفاصيل الخلافية على وجه الترجيح وفرض الرأي، ومساندة التوعية القائمة على ترويج الحب والاحترام والانضباط, و:
11- منع الجميع من التقاذف العلني، في أي مجالٍ كان؛ جامعٍ أم قناة تلفزيونية أم وظيفة عمل أم غيرها، سواء على الرموز الديني أو أي نحو من التحريض المذهبي، وسن إجراءات حقيقية صارمة جداً كفيلة بردع أي فرد تُسَوِّل له نفسُه التعدي، أو متجاوز، كائناً من كان، في عَرْض جَعْل مؤسسات حيادية عاملة لتتبُّع هذه المسائل واستقبال الشكاوى.
12- الإعلان والترويج الواسع والدائم للمواد الإجرائية والعقوبات التنفيذية؛ كمبادرة استباقية للتجاوزات وتحصين جميع المواطنين، في عرض تكليف جهات ثابتة تقوم وظيفتها على الاختصاص بذلك.
13- المساواة الكاملة بين جميع أفراد الرعية في الوظائف والمناصب، باتباع الكفاءات وحُسن الظن في حده العقلائي الصحيح، وبعيداً عن الوساطات والمحسوبيات التي تخرم جسد الوطن وتَقدمه وتَستلب حقوق الكفوئين.
14- تعميم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل مختص وطني في هذا السلك وعدم حصرها بمذهب خاص.
15- تحرير صروح القضاء الخاصة المحاصَرة بالأحكام القهرية المعمَّمة على الجميع خلافاً لما هو مقرَّر من إجراءات قضائية في معتقداتهم؛ فإنّ هذا يتناقض وبقوة مع ثوابت الإسلام وجميع الأديان والأعراف الوضعية. على عكس القضاء العام الذي هو شأن تنظيمي للدولة وفق معاييره العادلة الشاملة للجميع حسب تفاصيله المبحوثة في محلها.
16- توطيد دواوين محلية دورية شعبية للمسؤولين .. على شكل مجالس شهرية أو شبه أسبوعية ودّيّة حرة يلتقي فيها الرعية بهم؛ فإنّ هذا يقلِّص المسافات ويرفع حس الغربة لدى مختلف الطوائف، ويتيح المجال لإيصال الهموم ومشاركتها والإسراع بحلها ويعاضِد الأفكار بدل الاقتصار على مشورة المساعِدين فحسب ويقوي الأواصر بين القائد والمَقود ويقضي على فكرة النبذ التي يستغلها البعض للشهادة من طرف أو الوِشاية أو زرع التفرقة ..
فهذه الأمور كلها على وجه نقيضها تتصادم مع المادة الثانية عشر وتؤكِّد بطلان الحُجج العائقة عن سن القانون؛ فالإرهابي الذي قتل المصلين المتوجهين لربهم في الأحساء -وغيره من السفاحين السفاكين- إنما هو وليد هذه الأفكار المشهورة المشهودة في كل زاوية من بيت هذا الوطن، قد نشأ وترعرع عليها؛ فخسر دنياه وآخرته، وكثيرون الذي هم الآن أسرى لهكذا مشاريع غير واعية ولا مدروسة، كما أنّ قانون التجريم لو أمضي يومها؛ لحال حتماً دون شك عن بروز كثير من الأحداث الأخيرة الخطيرة التي رأيناها.
إنّ المعالجات الفكرية المدروسة والجذرية المخطَّط لها ضمن استراتيجية دستورية صحّيّة وفاعلة مُجْدية تتفوق بالحكمة والعزم الكامل، هي المختصَر الأمثل والحل الأوحد لحلحلة الأزمات الحالية، والدفع بعجلة الوطن نحو التقدم والتنمية والازدهار الواعد، وغربلة نُخَبِه وترشيحهم من بين المجموع وتعرية الفاسدين، وإلقام أعداء هذا البلد المقدَّس حجراً، وإقامة دعائم مثالية تستحق أن يُحتدا بها.
نسأل الله السلامة في الدين والدنيا والآخرة لنا ولجميع الشركاء الأحبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمين السعيدي
26 ربيع الثاني 1437هـ
حسن مهدي
ش 27 ربیعالثانی 1437ﻫ 6-2-2016م در ساعت 4:09 ق.ظأحسنتم سماحة السيد على هذا البيان الوافي والواضح والوطني الشفاف
كثر الله امثالك ياسيد
admin
چ 14 صفر 1445ﻫ 30-8-2023م در ساعت 6:35 ق.ظشسیشسیشسیشسی