إشكالية علمية عويصة في الذهاب لزيارة الحسين
مفاد الإشكالية:
لا ريب في أنَّ (الحكم الشرعي الواجب) أكثر مثوبة (من الحكم الشرعي المستحب) ؛ فالتعويض الإلهي في الواجب أكبر من التعويض الإلهي في المستحب.
وهذا أمر يقر به كافة علماء الفقه والأصول ولو على أقل التقادير في المدرسة الإمامية الإثني عشرية التابعة لأهل البيت القائلة بأن الله تعالى لا يفعل القبيح.
بالتالي ؛ كيف يصح القول بأن في (زيارة الإمام الحسين) ذلك الأجر الكبير المذكور في كثير من المرويات ، مع أنه يفوق أجر الأحكام الشرعية الواجبة ، كالحج وغيره؟!
فالحج مثلاً من أعظم الأحكام الإلهية في الشريعة الإسلامية ، فرغم الإقرار بأن زيارة الإمام الحسين من (المستحبات) بلا نقاش ، رغم ذلك يقال بأن ثواب زيارته يفوق ثواب الحج الذي هو من (الواجبات)! فلا هذا ينسجم مع المباني الأصولية ولا مع المنطق والعقل ، فمتى كان المستحب أقوى وأشد مثوبة من الواجب!
نستعرض بعض الروايات لتتضح الإشكالية:
من الروايات التي نستعرضها مثلاً:
1- روى الصدوق في (كتابه ثواب الأعمال) ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير [وهو من أصحاب الإجماع الذين مراسيلهم حجة] ، عن معاوية بن وهب قال:
استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام [يعني الإمام الصادق] فقيل لي: ادخل ، فدخلت فوجدته في مصلاه ، فجلست حتى قضى صلاته ، فسمعته وهو يناجي ربه وهو يقول:
«يا من خصنا بالكرامة ، وخصنا بالوصية ، ووعدنا الشفاعة ، وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي الحسين صلوات الله عليه الذين أنفقوا أموالهم ، وأشخصوا أبدانهم رغبة في بِـرنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظاً أدخلوه على عدونا ، أرادوا بذلك رضاك ، فكافهم عنا بالرضوان ، وأكلأهم بالليل والنهار ، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، واصبحهم واكفهم شر كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك أو شديد ، وشر شياطين الجن والإنس ، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.
اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا ، وخلافاً منهم على من خالفنا ، فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم الصرخة التي كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس ، وتلك الأبدان حتى توافيهم على الحوض يوم العطش».
فما زال وهو ساجد يدعو بهذا الدعاء ، فلما انصرف قلت:
جعلت فداك ، لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا ، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج ، فقال لي:
ما أقربك منه ، فما الذي يمنعك من زيارته؟! ثم قال:
يا معاوية! لم تدع ذلك؟ قلت:
لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله ، قال:
يا معاوية! مَن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض ، يا معاوية! لا تَدعـْــه ، فمن تركه رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده ، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والأئمة عليهم السلام؟
أما تحب أن تكون غداً ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويــُــغفر له ذنوب سبعين سنة؟
أما تحب أن تكون غداً ممن تصافحه الملائكة؟
أما تحب أن تكون غدا فيمن يخرج وليس له ذنب فيتبع به؟.. أما تحب أن تكون غدا ممن يصافح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟..
2- الحسن بن محمد الطوسي في (الأمالي) ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث ـ قال : ومن زار قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه ، كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
3- وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلام من الفضل لماتوا شوقا ، وتقطعت أنفسهم عليه حسرات ، قلت:
وما فيه؟ قال:
من زاره تشوقا إليه كتب الله له ألف حجة متقبلة ، وألف عمرة مبرورة ، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر ، وأجر ألف صائم ، وثواب ألف صدقة مقبولة ، وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله ، ولم يزل محفوظا … الحديث. وفيه ثواب جزيل ، وفي آخره: أنه ينادي منادٍ: هؤلاء زوار الحسين شوقاً إليه.
4- وعن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
ما لمن زار قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقه غير مستكبر ولا مستنكف؟ قال:
يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة ، وإن كان شقيا كتب سعيدا ، ولم يزل يخوض في رحمة الله.
5- وعن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن عمر ، عن علي بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إن الله تبارك وتعالى يتجلى لزوار قبر الحسين عليه السلام قبل أهل عرفات (فيفعل ذلك بهم) ، ويقضي حوائجهم ، ويغفر ذنوبهم ، ويشفعهم في مسائلهم ، ثم يثني بأهل عرفات يفعل ذلك بهم.
6- محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله ، عن الحسن ابن علي الزيتوني ، عن أحمد بن هلال ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من أحب أن يصافحه مائتا ألف نبي وعشرون ألف نبي ، فليزر قبر الحسين ابن علي عليه السلام في النصف من شعبان ، فان أرواح النبيين تستأذن الله في زيارته فيؤذن لهم.
7- جعفر بن محمد بن قولويه في (المزار) ، عن جعفر بن محمد ابن عبدالله الموسوي ، عن عبدالله بن نهيك ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: من زار الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ومن زاره يوم عرفة كتب الله له ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة ، ومن زاره يوم عاشورا فكأنما زار الله فوق عرشه.
8- وبالإسناد عن ابن محبوب ، عن أبي المغرا ، عن ذريح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
والله إن الله يباهي بزائر الحسين والوافد إليه الملائكة المقربين وحملة عرشه ، فيقول لهم: أما ترون زوار قبر الحسين عليه السلام أتوه شوقا إليه وإلى فاطمة؟! وعزتي وجلالي وعظمتي لأوجبن لهم كرامتي ، (ولأُحبنهم لمحبتي) … الحديث. وفيه ثواب جزيل.
9- وعن محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البزاز ، عن أبي سلمة وهو أبو خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن زيارة الحسين عليه السلام من أفضل ما يكون من الأعمال.[1]
طبعاً هذه الرؤية (الإشكالية) تنبني –في ضمن ما تتقوم به- على أساس (المَـلاكات والمصالح والمفاسد) الموجودة في الأحكام الشرعية ؛ فـ(الحكم الوجوبي) تجاه شيءٍ ما ، له مصلحة شديدة جداً ؛ لهذا المولى تعالى –كونه يريد نفع العبد- لا يتنازل عن ذلك الشيء ، فيحــرِّك ويأمر العبد به بصورة الإلزام والوجوب.
و(المحرم) بالعكس ؛ ففيه مفسدة شديدة جداً ؛ لذا المولى سبحانه لا يتنازل عن ذلك الشيء أيضاً ، فيــَـنهى ويـــَـزجر العبد عن فعله بصورة الحرمة والإلزام بالترك.
بينما (المستحب) ففيه مصلحة شديدة تعود للعبد ، فهي شديدة أيضاً ، لكنها لا تصل لحد مصلحة الواجب ؛ لذا يأمره بفعل ذلك الشيء ويرَخـــِّـص له في الترك أيضاً.
و(المكروه) بالعكس ؛ فيه مفسدة شديدة أيضاً كالمحرم ، لكنها لا تصل لحد مفسدة الحرام ؛ لذا يزجر العبد عن فعله ويرَخـــِّـص له أيضاً في ارتكابه.
ومنه يتضح (ملاك المباحات) ، بغض النظر الآن عن قسميها (الإباحة بالمعنى الأخص والإباحة بالمعنى الأعم).
وعليه ؛ (فِعل الواجب) فيه ثواب شديد وكبير جداً في قبال مصلحته الشديدة جداً ، و(فِعل المحرم) فيه عقاب شديد جداً في قبال مفسدته الشديدة جداً ، سواء على العبد نفسه أو مَن يعيش حوله في أسرته أو مجتمعه أو أمته أو كافة البشرية ، و(فِعل المستحب) فيه ثواب شديد في قبال مصلحته الشديدة ، لكن ثوابه لا يصل لحد ثواب الواجب ، وهو [محل البحث والكلام هنا].
طبعاً الآيات والروايات لا يوجَد فيها عبارة (واجب وحرام ومستحب ومكروه ومباح) ، بهذا التقسيم الفقهي ؛ إنما هذا التقسيم الفقهي من ابتكارات الفقهاء أنفسهم ، فهم نظروا في الآيات والروايات ، فوجدوا أنّ هنالك شيئاً يحث الشرع على فعله بشدة جداً ويرتـــِّـب عليه ثواباً كبيراً جداً ،
ووجدوا شيئاً آخر ينهى الشرع عن فعله بشدة جداً ويرتـــِّـب عليه العقاب الشديد جداً ،
ووجدوا شيئاً ثالثاً يحث الشرع على فعله بشدة ويرتـــِّـب عليه ثواباً كبيراً ويرَخــِّـص فيه ،
ورأوا شيئاً رابعاً ينهى الشرع عن فعله بشدة ويرتب على تركه ثواباً كبيراً ولا يذكر عقاباً على فعله ، فقالوا:
كل ما هو من قبيل الأول سنسميه بـ(الحكم الواجب) كون ملاكه ومصلحته كبيرة جداً وثوابه كبير جداً ولا ترخيص في تركه ؛ كالصلاة ، والحج ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واحترام الكبير ، والزكاة …
وقالوا: كل ما هو من قبيل الثاني سنسميه بـ(الحكم الحرام) كونه ملاكه ومفسدته كبيرة جداً ولا ترخيص في فعله ؛ كالغناء ، والغِــيبة ، والوشاية ، واللجوء للسحرة ، وشرب الخمر ، وأكل لحم الميتة ، والزنا ، وتمزيق المسلمين ، وإشاعة الفتن والبدع ، وهدم مصالح الإسلام الكبرى …
وكل ما هو من قبيل الثالث سنسميه بـ(الحكم المستحب) كون ملاكه ومصلحته كبيرة وفيه ترخيص في تركه ؛ كالهدية ، والدعاء ، والعفو ، والسلام ، وزيارة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ، وملاعَبة الأولاد …
وكل ما هو من قبيل الرابع سنسميه بـ(الحكم المكروه) كون ملاكه ومفسدته كبيرة وفيه ترخيص في فعله ؛ كالأكل ماشياً ، وتأخير الصلاة بلا تهاون ، والنوم بجنابة بدون التوضؤ ، وقتل النحلة أو النملة إذا لم يكن في بقائهما أذى …
وما عدى ذلك فهو مباح ؛ كاللعب باللحية بلا غرض ، وتحريك القلم من مكانه بلا غرض ، والذهاب لمكان بلا غرض ، والنوم في مكان دون آخر بلا غرض …
لذا يختلف الفقهاء أحياناً في تشخيص بعض الأحكام بسبب ضبابية الآية أو الرواية ، فنجدهم يفتون في بعض الموارد بالاحتياط.
إذا اتضح ما سبق يأتي الإشكال المذكور حول زيارة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ، وهو إشكال علمي قَـيّم ودقيق ، فمساواة ثواب (المستحب) بثواب (الواجب) ، أو جعل عِوَض (المستحب) أكبر من عِوَض (الواجب) ، أمر باطل وفق القواعد العلمية التي يقر بها الفقهاء ؛ لأن هذا سيعود بالنتيجة على ملاك الشيء نفسه ومصلحته ، فإن كان الحث على الزيارة شديد وكان ثوابها كبيراً جداً ويصل لحد ثواب الواجب ؛ فهذا يعني أن (الزيارة واجبة) ، فلماذا قلتم هي مستحب؟!
وإن كانت (الزيارة واجبة) فهذا خلاف ما في الروايات الكثيرة المصـرِّحة والمؤكـــِّـدة على أنها من الأمور الرخصة المرخــَّـص فيها ؛ أي بحيث لو لم يــَـزر الشخص رغم اقتداره ؛ فإنه لا يكون معاقَـباً ما دام لا يقصد التوهين مثلاً ، فزيارة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ليست -مثلاً- كالحج الذي لو تركه العبد وهو مقتدر فإنه يستحق العقاب.
وأيضاً إذا كانت (الزيارة واجبة) فَـلَم يــَـعد هنالك مائز بين (الواجب) و(المستحب) ، وسيستلزم ذلك الإبهام بين الواجبات والمستحبات وغيرها ، فلا يمكن تشخيصها من بعضها البعض ، ومن ثم سوف يختل ملاك التقسيم الذي وضعه الفقهاء ، ولن يعود مُـجْـدياً ، وسيختل نظام الأحكام الدينية ؛ وهذا مسلَّم البطلان بلا خلاف ، فالتقسيم معمول به ومتـــَّـبــَـع ، وقائمة عليه الفتوى وأحكام الشريعة ، وليس من العقل رفْــضه وخلخلة أداة الاستنتاج لمجرد مسألة –كالزيارة- أو مسألتين أو ثلاث مشتـبَــه بها ويمكن الاستغناء عنها أو تقليص حجمها وتقليم جوانحها.
فالحفاظ على التقسيم لحفظ منظومة الدِّين ككل ، أهم من الخدش فيه وإسقاطه من أجل جزئية ومسألة واحدة مشتــبَـهة.
هذا كله إذا كانت الزيارة واجبة تبعاً لشدة الحث عليها وعِظَم ثوابها.
وأما إذا كانت (الزيارة مستحبة) لا واجبة ، فكيف قلتم بأن ثوابها أعظم من ثواب الحج مثلاً؟! وكيف ادَّعيتم شدة الحث عليها بهذه الصورة التي رأيناها في الروايات؟! فالواجب الذي هو (حُــكم إلزامي) مسلَّم أنّ ثوابه والحث عليه أكبر من المستحب الذي هو (حُــكم ترخيصي).
بالتالي ؛ إما أن تكون هذه الروايات متونها ومضامينها ضعيفة ومخـتَــلَّـة ، ومن ثم تكون أسنادها –ولو بشكلٍ من الأشكال- ضعيفة أيضاً ؛ بحكم كثرة هذه الروايات واستحالة صدور الخطأ من المعصوم ؛ هذا (الفرض الأول في علاج الإشكالية).
(الفرض الثاني): أو أن تكون هذه الروايات القائلة بالاستحباب لا تقصد أن ثواب الزيارة أكبر من ثواب بعض الواجبات كالحج وغيره ، ومن ثم لماذا كل هذا التشديد على هذه الزيارة وإعطاؤها ما لا تستحق؟! لدرجة أنه:
في (الحج) يُـشترط تخلية السِّـرب (أي اَمن الطريق من المخاطر كقطّاع الطرق والسَّـرَقة) ، بحيث لو حجَّ المكلف والسرب ليس بآمن قد يـــَـحكم بعض الفقهاء ببطلان حجه ، بينما زيارة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام قد يكون في بعض الأزمنة فيها مخاطر تصل لحد الموت والقتل والتفجير ، ومع ذلك تقولون أنها أيضاً في هذه الصورة مقبولة ، بل وأكثر ثواباً وأشد تأكيداً في استحبابها!
فإذا فــُـرِض –لحل هذه الإشكالية- أن الروايات لا تقصد كون ثواب هذه الزيارة المستحبة أكبر من ثواب بعض الواجبات ، فلماذا كل هذا التشديد على هذه الزيارة وإعطاؤها ما لا تستحق ، وتفويقها على غيرها من الأحكام الشرعية الإلزامية؟!
و(الفرض الثالث): أن يتم الالتزام بكون أئمة أهل البيت غير معصومين ، وأنهم أخطأوا ، حيث قَـصَــدوا الواجب فـرَخــَّـصوا فيه ، مع أن الواجب أمر إلزامي لا ترخيص فيه ، أو أنهم قصدوا المستحب فاشتبهوا وساووه بالواجب في درجة ثوابه والحث عليه.
بل (الفرض الثاني) غير ممكن أيضاً ؛ وهو (أن تكون هذه الروايات القائلة بالاستحباب لا تقصد أن ثواب الزيارة أكبر من ثواب بعض الواجبات كالحج وغيره) ؛ وسبب عدم إمكان القول بهذا الفرض لأن الروايات صريحة في أن ثواب الزيارة أكبر من ثواب الحج ، ولا يمكن تحوير ألفاظها ومعانيها ، والحال أن هذه الزيارة (ليست واجبة) بإجماع علماء الشيعة كافة ؛ فيتعين (الفرض الأول) ؛ وهو أن هذه الروايات ضعيفة متناً ومن ثم يسري الضعف إلى أسنادها أيضاً ؛ فتسقط ولا يبقى لها قيمة.
بالتالي ؛ ثبت علمياً ووفق مباني الشيعة أنه ذروا ما تمارسونه في كل عام وفي كل يوم تجاه زيارة الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه.
هذا تقرير الإشكالية ، وأما الجواب عنها فيأتي إن شاء الله تعالى.
أمين السعيدي – قم
14صَفر1435هـ
إعداد: مسؤول صفحة سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله في الفيسبوك: أبو منصور الحافظ
الرابط المباشر للمنشور على صفحته في الفيسبوك:
لمتابعة المنشور في صفحته على تويتر:
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا