التزويج يـعـْـصِـم ثلثي الدِّين لا نصفه ، بل أكثر !!
منشور رقم 11 بتاريخ 22-12-1434هـ
الشائع بين الناس هو أن التزويج يعـْـصِـم (نصف دِين الرجل) و(نصف دِين المرأة) عن الضياع والشيطان والانحرافات ، سواء الانحرافات الروحية أو النفسية أو الجسدية .. ، فبالتزويج يحْـرِز الزوجان ذلك حسبما ورد في الأخبار.
لكن الوارد في بعض الروايات أكثر من النصف ؛ حيث جاءت أخبار عن رسول الله (ص) تنص على أن التزويج يعصم (ثلثي الدين) لا نصفه فحسب ، بل عندنا ثلاث طوائف من الروايات هي كما يلي:
* الطائفة الأولى من الروايات: تقول بأنه يحرز (نصف دِينه) ، وهذه من قبيل الحديث الشائع بين الناس القائل: [مَن تــَـزوَّج أَحرَزَ نصف دِينه ، فليـَـتقِ الله في النصف الباقي].
* الطائفة الثانية من الروايات: تقول بأنه يعصم (ثلثي دِينه) ، وهذه من قبيل الحديث القائل : [ما من شاب تــَزوَّج في حَداثة سِنه إلا عَـجَّ شيطانه يقول: يا ويلاه ، عصمَ هذا مني ثلثي دِينه. فلْيتَّـقِ اللهَ العبدُ في الثلث الباقي].
* الطائفة الثالثة من الروايات: (مطْـلَـقة لم تحدِّد المقدار) ، بل جعلته بحسب حال الفرد ، وهذه من قبيل الحديث القائل : [لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يتزوج إلا قال رسول الله (ص): كمل دِينه].
هذا ويمكن أن نــَـفْـهم من هذه الرواية الأخيرة أن التزويج يكمل دِين المتزوج والمتزوجة بمقدار النــَّـقـص ، فلو كان النقص ثلثاً كمل الثلث ، ولو كان النصف كمل النصف ، ولو كان ثلثين كمل بمقدار الثلثين ، ولو كان أكثر أو أقل كمل بمقدار النقص الحاصل ، فكل شخص بحسب نسبة النقص لديه.
هذا تارة ، وتارة ثانية لا نــَـفْـهم هذا المعنى ، وإنما نجعل الطائفتين الأولى والثانية من الروايات ، تبيـِّـنان إطلاق الطائف الثالثة ، فيكون المراد مِن قوله (ص) “كمل دينه”: أي كمل نصف دِينه أو كمل ثلثي دِينه.
والصحيح هو الثاني لا الأول ؛ أي الصحيح هو أن الطائفتين الأولى والثانية من الروايات تبيـِّـنان إطلاق الطائفة الثالثة ؛ والدليل هو القرينة المستفادة بقول مجموعة من الروايات: فليتقِ اللهَ العبدُ في الباقي ؛ فالاتقاء في الباقي يعني أن هنالك مقداراً تكميله خاص بجهود العبد نفسه ، فهو موكولة له نسبة خاصة يجب عليه أن يحرزها من خلال وعيه وعمله الشخصي.
بالتالي يبقى أن نعرف لماذا بعض الروايات تقول نصف دينه وبعضها تقول ثلثي دينه؟
* الجواب: الظاهر هو أن النكتة في ذلك تعود لنفس المتزوج والمتزوجة أيضاً ؛ بمعنى أن كل شخص بحسب (قابلياته وأهليته الذاتية) ، وبحسب (مقدار نقصه الدِّيني) ، وبحسب (صلته بالله وإخلاصه ونسبة الفيض الرباني عليه).
وعلى أي حال ، فهذا يدل على عظمة التزويج ، مما يضطرنا لبحث ( “أسباب” و “شرائط” ) حصول هذا التكميل للدين بفعل التزويج ، وهذا ما نبحثه عن شاء الله تعالى في وقفة لاحقة ، علماً أننا وقفنا على (بعض الأسباب فيما سبق).
السيد أمين السعيدي
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا