الحجاب هزيمةٌ في 【صميم الإصلاح】
•مقالة سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
لنساء المجتمع الإسلامي ، خطاب من العقل والقلب ، يــَـمتزج بالأحداث الكربلائية الأليمة ، حيث نَـستفـهِـم:
لماذا اَخَـذ الحسين (ع) المرأة معه إلى كربلاء؟ فقد كان بإمكانه (ع) أن يــَـدَع النـسوة في المدينة أو في مكة ، مادام كان يـــَـعلم بما سيــَـؤول له الأمر ؛ فلماذا اَخذ المرأة معه؟
●» لقد كانت حادثة الطف مزيجاً من القِـيم والمفاهيم التي حافظَتْ على الدين ؛ إذ لولاها لاندَرس الدين واندثـرَتْ معالمه ، والحسين (ع) كان قد وَضَـع المرأة في ضمن أهدافه الرئيسية ؛ خوفاً من أن تجيء دعاوى عمياء تَـسلِـب من المرأة قِــيــَـمها والمفاهيم الدينية المتعلقة بكمالها ورقيها وسعادتها ، فتعيدها – بالنتيجة – إلى:
المفاهيم والمواريث الجاهلية ، التي كانت تَـجعل من المرأة سلعةً رخيصة للرجل ولشهواته ودلاله واَنَـاته ، تلك المواريث والمعتقَـدات التي كانت بها المرأة مستحـقَـرة يــَـتم قـتْـلها ووَأْدها في التراب حين ولادتها ، لدرجة أن الرجل كان يــَـعتبر إنجاب الأنثى له عارٌ في حقه ، فجاء شرعُـنا الحنيف ، فسَـحَـق هذه الجهالات الحقيرة ، ورَفَـع المرأة إلى أقصى وأرقى المراتب التي يمكن لها أن تبلغها. ثم امتدت تلك الجهالات العمياء في نفوس الرجال الذين دَخلوا الإسلام نفاقاً ودَجلاً بغرض حماية أنفسهم وتمزيق الدين في الخفاء ، حيث حَملوا معهم تلك العقائد والمواريث الهوجاء إلى حين سماح الفرصة لهم بإبدائها وترويجها في المجتمع مجدداً ،
وللأسف أنَّ الفرصة حانت لهم، وحانت متسعة لإعادت تلك المعتقدات؛ فانطَمس الكثير من معالم الدين وتعاليمه ، والتي كان أول اَساس فيها هو 【الحُـكم والرئاسة ، و【الحُـكم】 الذي هو أكبر الأمور في المنظومة الإسلاميه – باعتباره لُباب الدين وعصب الدنيا – إذا كان بذاته قد اعترته وطالته يد التزوير و الجهل ، فكيف بالأمور الأدنى مرتبه منه؟
●» لذا ؛ هَـرع الحسين (ع) وهَـبَّ مسرعاً لإحياء سنة رسول الله فيما تم تحريفه، وما سيتم تحريفه في المستقبل من تلك السنن الإلهية التي جاءت لمحاربة الجهل والمواريث الجاهلية ، فكان الحسين (ع) في ضمن ما استَـهدف الحفاظ عليه من تلك السنن التي أراد الحفاظ عليها من الضياع والانطماس:【حجاب المرأة】.
لذا ؛ اَخذ الحسين (ع) مجموعة من بنات الرسالة ؛ ليــَـحفظن على مر التاريخ 【صورة وكيفية الحجاب الإسلامي】 الذي شَـرَّف الله به المرأة المسلمة ، وحماها به من أوباش الرجال وعبيد الجسد والشهوة ، ولتنقطع كل الحيل والتحريفات والأكاذيب التي ستَـظهر في مستقبل التاريخ بهذا الشأن ، تماماً كما نرى في عصرنا الحاضر من بعض العزيزات وبعض الدعاة المتمردين.
●» وهذا الحفاظ الذي صاغه الحسين (ع) في هذه الجنبة يثبته التساؤل الذي نوجهه لكل مسلمة ، والذي عبارته:
ما هو شعورك أيتها المسلمة العزيزة عندما تحضرين مراسم عاشوراء والتمثيليات الحية التي تُـصنع في المدن والقرى لتصوير واقعة الطف؟ ماهو شعورك حينما ترين مثال زينب (ع) في تلك التمثيليات الحية وهي تلبس الحجاب الإسلامي العريق الكامل؟
وكذا سكينه وأم كلثوم ورملة والرباب … إنّ هذا الشعور الذي يـــَـنقدح في نفسكِ في تلك الأثناء ، عند المُـشاهَـدة الحيه ، هو الذي أراد الحسين (ع) أن يبقى حياً إلى أبد التاريخ مادامت كربلاء باقية ، وكربلاء لا تَـزول ، ولن تَـزول أبداً ، وهذا الشعور ملازمٌ لكربلاء ؛ بالتالي لن يزول عنها أبداً ؛
لأن هذه النسوة الطاهرات أحد أركان الطف في مسير وتخطيط الحسين (ع) ، مما يــَـجعل هذا الشعور حُـجة على 【كل مسلمة】 تريد نزع كمالها والعودة إلى الموروثات الجاهلية الدنيئة بأفكار عصرية جديدة ، وحيل ضعيفة لا تَـصمد أمام أبسط الحُـجج الربانية ، التي منها هذا الشعور الكربلائي المتجدد الخالد ، الذي يــَـبعث على الخجل في نفس كل مسلمة تخلت عن مبادئ الحسين (ع) ، فصارت ناصرة لقِـيم الجاهلية التي استهدفها أعداؤه ، ولم تَـنصر الحسين (ع) الذي نادى هل من ناصرٍ ينصرني؟
●» فالحسين (ع) على مستوى هذه المرأة يـــَـكون قد هُـزِم في صورة المرأة كربلائياً من هذه الجهة ، وعلى مستوى المرأة العفيفة المحتشمة يــَـكون قد انتَـصر في صورة المرأة كربلائياً من هذه الجهة ؛ فإنّ للحسين (ع) في كل واحد منا انتصارات وهزائم تخصه ، وإنَّ للحسين في كل مجتمَـعٍ انتصارات وهزائم تخص ذلك المجتمع.
السيد أمين السعيدي
10محرم الحرام1435هـ-قم
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا