* الرضا الزوجي في ظل واحدية القانون *
(الدِّين) و(المذهب) و(شؤون المنزل بالنسبة للمرأة) و(حجاب الزوجة) و(عملها الوظيفي خارج البيت).
منشور رقم 3 بتاريخ 14-12-1434هـ
* الرضا الزوجي في ظل واحدية القانون: المذهب، شؤون المنزل، الحجاب، الوظيفة *
إنّ الرِّضا الرّوحي بين الشّريكين الزّوجيَّين كما يَعتمد في تحقُّقِه على عناصر (الانسجام) و(الهِمَّة التّبادليّة) و(المرونة) و(القناعة) ، كذلك يَعتمد في تحقّقه على عنصر آخر له مِن الأهمّيّة ما يَمنع إغفاله وعدم الوقوف عليه والاستجابة له ، وهذا العنصر يَتمثَّل في (واحِديّة القانون وامتثاله) ، ممّا يعني أنّ تعاطي الشّريكين فيما بينهما في علاقتهما الزّوجيّة وفق (قانون موَحَّد) يَضمن لهما الرِّضا الرّوحي والتّلاقي المأمول.
لذا ؛ نجد الإسلام يَشترِط (وحدة الدِّين) في تحقُّق (العقد) ، كما يَشترِط أيضاً (وحدة المذهب) في بعض الظّروف ، بل قد أحياناً يَشترِط (وحدة العنصر التَّشريفي) ؛ كل ذلك من باب تفعيل القانون الواحد بين الشّريكين ، والإذعان –الضِّمني- بأنَّ وحدويّة القانون واعتقادهما بقانون معيَّن ، يَضمن تحقيق جزءٍ كبيرٍ من الرِّضا الرّوحي والاستقرار الزّوجي المستهدَف ، فمثلاً:
لو تزوَّج المسْلِم بكافرة كتابيّة –مثل اليهوديّة والنّصرانيّة- زواجاً (دائمياً) ؛ فهنا (بعض الفقهاء) لا يجوِّزون هذا التزويج ولا يحكمون بانعقاد عقد النكاح (احتياطاً وجوبياً) ، وأما لو تزوَّجَت المسلمة بكافر كتابي (بأي شكل من أشكال الزواج “لا الدائمي فقط”) ؛ فهنا الإسلام يَمنع من هذا التزويج ، وكذا لو تَزوَّج المسلم بكافرة مَـحْضة –أي ممّن لا كِتاب سماوي لديهم- أو تزوَّجَت المسلمة بكافر مَـحْض ؛ فهنا الإسلام يَمنع من هذا التّزويج ولا يَحكم بانعقاد النِّكاح.
ومِثْلُه ما لو تزوَّج المسلِم مِن مذهب بمسلِم آخر من مذهب مختلِف عن مذهبه ، وكان أحدهما (يُخاف عليه مِن عدم تفهُّم الآخر ومِن رغبتِه في فَرضِ ما يرى من قوانين لمذهبه على شريكه بصورة سلطويّة وغير إقناعيّة ولا عُقلائيّة) ؛ فهنا الإسلام لا يَقبل بذلك التّزويج ؛ لأن منتهاه هو الاختلاف والتّمزّق ، وعدم تحقيقِ العلاقةِ الزّوجية لغاياتها الإنسانيّة والمعنوية ، فهما رغم أنهما مسْلِمَين ، إلا أنَّ الإسلام رغم ذلك مَنع هذا النّوع من التّزويج ، في حين أنّه في المقابِل يجوِّز حالةً أخرى قريبة من هذه الحالة تماماً ؛ وهي ما لو كان بين الشّريكين تَفهُّماً وعدم فرض للقانون المعتَقَد به لدى مذهبِ طرفٍ على القانون المعتَقَد به لدى مذهبِ الطّرفِ الآخر ، بحيث يَجعل (القانون الإسلامي العام والمشتركات القانونيّة العامّة) هي الحاكمة لهما في عموم العلاقة ، بينما يَجعل (الجزئيّات المذهبيّة الخاصّة) هي الحاكمة لكل طرف بمفرده دون شريكه ؛ وهذا بالتّالي يؤكِّد على أهمّيّة وحدويّة القانون.
هذا ؛ وهناك صورة أخرى يمكِن النّظر لها من داخل نفس القانون الواحد المعتَقَد به بين الطّرفين دون اختلاف ، ومِثالُه لا على سبيل الحَصْر: (شؤون المنزل) ، و(حدود الحِجاب المفروض على المرأة) ، و(عمل الزّوجة في رتبة وظيفية) ، فهذه ثلاث قضايا من الأمور الّتي لا يُمكِن إنكار مؤثّريّتهما المباشرة على العلاقة في ضمن هذه الصّورة ، فمؤثّريّة هذه القضايا على الشّريكين أمرٌ محسوسٌ لا يخالجه شك ، ومشهودٌ لغالب النّاس إن لم يكن لجميعهم.
طبعاً ما نذكره إنّما يَتوافق مع العلاقة الّتي يكون فيها الطّرفان مهتمَّين بالمعتقدات الخاصّة بهما ، أو أحدهما مهتم دون الآخر مع كون المهتم مَرِِناً تجاه المقابِل ؛ ذلك لأن هناك نوعيَّة من النّاس لا تهمّها التّقيّدات الدِّينيّة والاعتقاديّة أيّاً كانت ؛ وبالتّالي إذا تشكَّلتْ علاقة زوجيّة بين فردين من هذه النّوعيّة ؛ فإنّ الرِّضا الرّوحي من هذه النّاحية –قد- يتحقَّق بنسبة مقبولة لديهما ، وإن كانا –في كثير من الحالات- يَخضعان على أقل التّقادير للقانون الإنساني ، الذي بذاته يمثِّل قانوناً قائماً يحكمها ، ويَلْزَم عليهما التّقيُّد به لتحصيل لغة الشّراكة والرِّضا.
سيد أمين السعيدي
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا