فستجد لك حاسدين تعرفهم وحاسدين لا تعرفهم ، وحاسدين يعرفونك وحاسدين لا يعرفونك.
إذا كنتَ ناجحاً فستجد لك منافسين تعرفهم ومنافسين لا تعرفهم ، ومنافسين يعرفونك ومنافسين لا يعرفونك.
إذا كنتَ ناجحاً
فستجد لك محبين هكذا ، وستجد لك معادين تعرفهم ومعادين لا تعرفهم ، ومعادين يعرفونك ومعادين لا يعرفونك.
وكلما ازداد نجاحك فسيزداد عدد هؤلاء ، وسيزداد إعجاب معجَبك وحسد حاسدك ومنافسة منافسك وحب محبك وعداء معاديك.
وإذا كان لك أعداء من نوع آخر في حياتك الشخصية الخاصة ؛ فستكون أكثر حظاً ضمن معادلة الأكاذيب والإشاعات والمطاعن ، وستحتاج المسألة أن يكون فهم الناس لك أكبر ، وأن تكون معرفتهم لك عن قرب ؛ كي لا يقعون في الاشتباه عندما يرسمونك في نفوسهم وعقولهم.
و(الإعجاب) و(الحسد) و(المنافسة) و(الحب) و(العداء) ليست صفات متضادة دائماً ، فهي وإن كانت متضادة لفظياً وفي المعنى ، لكنها قد تلتقي في المَصب الواحد ؛ فالحب قد يجتمع مع المنافسة ، والمنافسة قد تجتمع مع الحسد والعداء ، والحسد قد يجتمع مع الإعجاب ، وهكذا.
لذا قال الحكماء: “خير دليل على الإعجاب الحسد”.
فالحسد يكون دليلاً على الإعجاب ، مما يعني أنه كلما ازداد حاسدوك فاْعلَمْ أنك مثير للإعجاب ، وإلا فالذي لا شيء لديه فإنه منطقياً بشكل التزامي لا حاسد له ؛ ذلك لأنه أساساً لا شيء لديه ليُحسَد عليه. قال أحد الحكماء بما مضمونه:
“إن الفاعل الناجح كالشجرة المثمرة لذيذة الثمر ، كل من مرَّ بها رمى عليها شيئاً ، فهنالك من يرمي عليها حجراً أو نعلاً أو عصا ، وهناك من يهز جذعها … ، وكل من هؤلاء منبهر بالثمر يود إسقاط شيءٍ منها ؛ أما الشجرة التي لا ثمر لها فهي لا ناظر لها ولا يمارِس أحد هذه التصرفات للثمر في حقها”.
ثم إنه لا يضيرك الحسد ، فالحسد لا يؤثر في المحسود إلا عند استجابة المحسود نفسياً للحاسد ، فتأثير الحسد في المحسود تأثير نفساني لا غير ، وهو ما أشار له تعالى في قوله:
{قل أعوذ بربِّ الفلق … ومن شر حاسدٍ إذا حسد} الآية.
والحسد بذاته لا يؤثر إلا في الحاسد ؛ ذلك لأن الحاسد هو من يعيش الحرقة والألم كلما رأى محسوده يتعالى ويرتفع. قال إمام الساجدين وزين العابدين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم:
(إياك والحسد ؛ فإنه يَبيْنُ فيك ولا يَبيْن في عدوّك). وفي الخَبر الآخر:
(الحسد داء ينْهِك الجسد).
والعداء في منظومة النجاح تارة يكون من الحسد ، وأخرى يكون للفكرة التي تحملها وتقدمها ، فالفكرة التي تحملها أو العمل الذي تقدمه قد يتصادما مع فريق معارض لتلك الفكرة أو لذلك العمل ، مما قد يَنتج عنه عداء للفكرة أو للعمل ومن ثم لك.
إن على الناجحين أن لا يضعفون ولا يتراجعون ، فالضعف والتراجع يوَلِّدان الهزيمة لا محالة ، والنصر سيكون لمن هم في فريق المواجَهة المعادية ، ولا يوجَد ناجح يرتضي لعدوه أن ينتصر عليه.
كن معتدلاً باتزان في المواجهة لتنتصر ، وتوكل على الله فهو القوة المطْلقة التي تحيط بكل شيء وستنجح دائماً ولو بعد حين. قال تعالى في سوره المزمل:
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا
وَاصْبــِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا
وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا
إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالا وَجَحِيمًا
وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} الآيات.
إن علينا أن نترجم الناجحين بصورة صحيحة ، فكلنا يحب النجاح ، والنجاح له ضريبة ، وضريبته ألذ من النجاح نفسه ، لكن بشرط أن نعي ذلك ، وأن لا نتأثر سلبياً.
كما علينا –أيضاً- أنه إذا رأينا شخصاً يعادي أو ينسب النقائص لشخصٍ آخر ، في حين أن ظاهر ذلك الشخص المنتقَص طاهر وزكي ، فعلينا عندها أن نرتاب ونحتمل الخطأ ،
ثم نَتفحَّص نوعية ذلك العداء ونوعية تلك التهم من خلال التعرف من قريب على الشخص الذي ظاهره الحُسْن ونُسِبَت له النواقص وهي لا تظهر عليه ، وبهذا سنُشَخِّص القضية بشكل صحيح ، وسنكتشف دواعي ودوافع ذلك الشخص الطاعن في الآخر ، وسنعرف نوعيته هل هو معجَب حاسد ، أو منافِس أم ماذا.
والعكس عندما نكتفي بسماع كلام المدعي المعادي ؛ فإننا عند ذلك قد نخطئ في تشخص الطرف الآخر ، إذ قد يكون شخصاً ناجحاً ، وما نَسَبَ له هذا النواقص إلا لحسده وغيرته من نجاحه ، فبتشخيصنا الخاطئ سنواجه ذلك الناجح وسنظلمه ، وسنُعِين هذا المعادي البائس المواجِه له
، وسنَخسر الصلة بالمبدعين.
إننا نحب الناجحين ؛ لأنهم أقوياء ولديهم رصيد باهر من الإبداع والخدمة والتقديم والصفاء والصبر والشجاعة ، ولأنهم يستلبون كل العيون وكل القلوب وكل العقول ، مهما تغايرت واختلفت تلك العقول وتلك القلوب وتلك العيون.
[(إذا أحببتَ الناجحين فأنت من عشاق الإبداع)]
نتمنى لكم حياة سعيدة وناجحة
تقبلوا تحيات جماعة أنبياء أولي العزم عليهم السلام
***
طرح وتقديم قسم التوعية في الجماعة – الزاوية الاُسَرية وعلاقة الزوجين والخطيبَين والتربية.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا