【يــَـتعزز علينا الذليل ، فسكتنا مخافة الفرقة】:
الإصلاح في العلاقة بين المسلمين【أحاديث أهل البيت(ع)】
•مقالة سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
مِن ضِمن البراهين الكثيرة في أقوال أمير المؤمنين (ع) حول حِفظ جماعة المسْلمين وتقوية أواصرهم ، أنه لَمّا رجعتْ رُسُله من عند طلحة والزبير وعائشة ، وقد دعوه للحرب والقتال ، صعدَ المنبر في مسجد رسول الله (ص) قبل أن يتوجَّه لحربهم في【واقعة الجَمَل】، فـ: ذَكر أموراً حول ما جرى عليه مِن ظلم وسلبِ حقِّه في زمن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ، أشار فيها لصبره وتحمله وسكوته ، لا شيء سوى الحفاظ على الجماعة ، وعدم فَلِّ الأواصر بين المسلمين. روى أبو الحسن علي بن محمد المدائني ، عن عبد الله بن جنادة ، أنّ علياً (ع) قال في هذه الخطبة والتي كانت في أوائل إمارته:
أما بعد . فإنه لما قَبض الله نبيه (ص) ، قلنا نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقنا طامع ، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا ، فصارت الإمرة لغيرنا ، وصرنا سَوَقة يطمع فينا الضعيف ، ويــَـتعزز علينا الذليل ، فبكت الأعين منا لذلك ، وخشِـنَتِ الصدور ، وجزعت النفوس ، وأيم الله ، لو لا مخافة الفرقة بين المسلمين ، وأن يعود الكفر ويبور الدين ، لكُـنا على غير ما كنا لهم عليه ، فولي الأمر ولاة لم يألوا الناس خيرا ، ثم استخرجتموني أيها الناس من بيتي ، فبايعتموني على شَـيْنٍ مني لأمركم ، وفراسةٍ تَـصدقني ما في قلوب كثير منكم ، وبايــَـعني هذان الرجلان – يعني طلحة والزبير – في أول مَن بايع ، تَـعلمون ذلك ، وقد نَـكثا وغَدرا ونَهضا إلى البصرة بعائشة ؛ ليفرقا جماعتكم ، ويلقيا بأسكم بينكم】[شرح النهج ، لابن أبي الحديد المعتزلي: ج1 ص307].
فهو (ع) سَكت عن مظلوميته خوفاً من الفرقة بين المسلمين ، وحرصاً على وحدتهم وتماسكهم ، كما أنه في المقابِل غضبَ من طلحة والزبير وعائشة بسبب ارتكابهم ما كان يفر منه قبل خلافته ، وهو تفرقة المسلمين.
فهذا دليلٌ قاطع على شدة تمسكه (ع) بهذا الأصل الديني اللازم ، وحرصه الكبير والشديد في التكاتف والتعاضد بين أبناء هذه الاُمّة.
فعليٌ أعرف بالصواب والواجب والضرورة الدينية اللازمة أم نحن؟ إنما قدوتُنا رسول الله (ص) وأهل بيته (ع) ، وقد اُمرنا بطاعتهم وأن لا نعصيهم فنكون في عِداد العاصين لهم.
السيد أمين السعيدي
15محرم الحرام1435هـ
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا