همَسات جارحة مع النبي العظيم(ص)
طرح وتقديم طالبة العلم العضوة الفاضلة: 【يا صاحب الزمان】
مراجَعة وتصحيح سماحة: السيد أمين السعيدي حفظه الله
ما بالُ عينك لا تَنــــــــامُ كأنما * كحلتْ ماقيهــا بكحل الأرمَدِ
جزَعاً على المهدي أصبح ثاوياً * يا خير من وطئ الحَصى لا تبعدِ
وجهي يقيك التربَ لهفي ليتني * غُـيِّـبتُ قبلك في بقيع الغرقَـدِ
بأبي وأمي مَن شَهــِدْت وفـاتَه * في يوم الاثنين النبي المهتدي
أظلمَت بعدك الدنيا يا نبي الأمة ،، وتفطرت بالبكاء بعدك أملاك الأرض والسماء ،، فيا رسول الله أشفع لنا جميعاً في خطايانا وذنوبنا ..
ترفع مؤسَّسة أنبياء أولي العزم “عليهم السلام” رايات الحزن المتفجعة لمولى المؤمنين وإمام الأمة والزمان “عجل الله فرَجَه الشريف” برحيل نبينا العظيم ،، مثال الإنسانية ،، وعَلَم الأمة الأسلامية .. فعظم الله أجورنا وأجوركم.
إن من سلسلة الإساءات العادية والإيذاءات المتجرئة على مقام نبينا القديس الكريم محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” ، حيث تعددت الإساءة إلى رسول الرحمة من جميع الجوانب ، وتطاولت يد البغي الأثيمة لتنال أشد المقدسات الإلهية الفاخرة العظيمة “صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين” ؛ فقد أدمي ورمي بالحجارة في الطائف ، ومرة أخرى في مكة. وروي أنه “صلى الله عليه وآله وسلم” كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ، ورجلان عن يساره فيصفقان بأيديهما ؛ ليخلطان عليه صلاته. وقد كان يوضع الرفث للناقة على ظهره ومنكبيه.
وإن تسأل عن اسمه: فلم يسلم حتى اسمه من التعيير والإساءة ؛ إذ كانت قريش تسميه (اُذُن) ؛ كناية عن أنه كان يصطاخ ويتعمد استماع كلام الآخرين ، ثم يأتي فيه بوحي وحكم من الله تعالى ، فرد عليهم سبحانه بقوله: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ، قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[1].
وكذا كانوا يدعونه (مذمماً) ؛ تقول أسماء بنت أبي بكر لما نزلت سورة المسد ، أقبلَت العوراء أم جميل بنت حرب وفي يدها فهر ، وهي تقول: مذمماً أبَينـا ، ودِينَه قَلينا ، وأمرَه عَصينا[2]
حتى ورد عنه “صلى الله عليه وآله وسلم” قوله: (يا عباد الله! انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعْنهم ، يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً ، وأنا محمد) ، وهو الشيء الذي أعاد سيرته عبد الله بن الزبير فيما بعد ؛ حيث صار يعيِّر محمد بن الحنفية (بن علي بن أبي طالب عليهم السلام) حين رفض بيعته بنفس الكلمة ، فيقال له يا مذمم!
وهذا هو الطريق نفسه الذي سار عليه سلمان رشدي ، حيث أطلق على النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” اسم ( ماهوند ) وأصله ( ما حوند ) ، وهو اسم مسيحي قروسطي تحقيري!
وهكذا فقد أسيء له في أبنائه وآله الكرام ، فقتلوهم وشردوهم.
وكذا الأمر في أمته المرحومة التي اتُهمَتْ وعُـيِّرت بالتخلف والانحطاط ، وحُربَتْ أشد محارَبة ، لا لشيء إلا لأنها تَتبع نهجه القويم ، وتَعتنق رسالته الإسلامية العظيمة التي نطقَتْ بداية نطقها بالقرآءة والعلم والتعلم ، بقوله عز وجل: {اقْرَأ وَرَبـُّكَ الْأَكْرَمُ * الذي عَـلَّمَ بالقلَم}[3].
ومن الإساءة إليه فيما عَدَّه مقدَّساً من بقاع الأرض ، كبيت الله الحرام ، حيث هدمت الكعبة وضربت بالمنجنيق أكثر من مرة بعد رحيله وغيابه عن الأمة ، مرة في عصر يزيد بن معاوية ، ومرة في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي.
هذا وفي بعض كتب المسلمين ما يحوي العديد من الإساءات الخاطئة والأوصاف الغير لائقة بشخصه الرفيع ونبوته الإلهية.
وفي الآونة الأخيرة شهدنا عدة إساءات غربية فاضحة وجريئة والعياذ بالله …
إن ما ندعو إليه بأمل الصادق ولوعة المحب ووجدان المتألم المُجـِد ، هو أن نحفظ قدر هذا الموجود الكامل ، والأشد قدساً ، نبراس الكمال ومنهاجه ، وشفيع العالمين ، يجب علينا أن نحفظ قدره في تراثنا بتنقيته ، وفي أنفسنا بحسن التعامل والاتصاف بحُسن صفاته ، كي لا نغري غيرنا من المارقين والكافرين في الجرأة عليه ، فنكون دعاة للإساءة ومن المشاركين فيها عن غير قصد ، وبعلم أو بلا علم.
أنت نورُ فجر ٍ .. ربنا أعلاك قدرا .. يا إمام الأنبياء .. أبا القاسم المصطفى ..
أنت حيّ في صفا الوجدان .. يا أشجى تغريدة الألحان ..
أيها المختار الرحيم .. زادنا في الحب حنين .. وألهمنا الضياء والصبرا ..
ياختام الأنبياء المرسلين .. سلامٌ ينبعث إليك شوقاً بزفرات الوجنتين .. بدموع الصائحين .. بروح ٍ ملؤها فيض الحنين .. لتركن مبتهلةً في أجواء ذاك المقام الكريم ..
ــــــــــــــــ
المصادر:-
[1] التوبة: 61.
[2] مقدمة للتأريخ الآخر للدكتور سليمان بشير: ص 163.
[3] سورة العلق الآيتان 4 و5.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا