مُنتهَ «استواء طبيعة الإنسان» و «انسلاخه عنها»
الإنسان ، رجلاً كان أو امرأة ، بمجرد استواء طبيعته – واستواء الطبيعة يكون كما في الآية بتحصيل صفات المصلِّين(1) – يَشعر بالمودة والرحمة لمثيله في الإنسانية ، الذي ينجذب إليه بالمماثَلة والمشاركة التكوينة ، شريطة أن يشعر بأنه في درجة إنسانيته ، وقريب من صفاته.
{ومِن آياتِهِ أنْ خَلَقَ لكُم مِّن أنفُسِكُمْ أزواجاً لِتَسْكُنوا إليها وجَعَلَ بينَكُم مَّوَدَّةً ورَحمةً}.
في المقابِل ؛ بمجرد أن يَنسلخ الإنسان عن استواء الطبيعة واعتدال التكوين الفطري لديه ؛ فإنه يفقد بالنتيجة أخلاقيات وسجايا المصلين ، فيتحول إلى شخصٍ ضَجورٍ وأناني ، إذا مَسَّه الشرُ جزوعا ، وإذا مسه الخير بخيلاً مَنُوْعا.
من هنا ندرك علة خوف الإنسان -رجلاً أو امرأة- على أُمَّته ، ومجتمعه ، وبني جلدته ، فتَتفاوت درجات مَودّته ورحمته ، حسب تفاوت درجة هذه الطبيعة فيه تجاه نوعيات العلاقات الإنسانية والفكرية التي تتمحور لديه ؛ كل ذلك يعود لنسبة تحقق صفات وسجايا المصلِّين به ، فكلما ازدادت كان أشد مودة ورفقاً ، وكلما قَلَّتْ كان أشد هَلَعاً وجزعاً وبُخلاً.
ولربما وَجدْتَ شخصاً ممن يُظهر صفات المصلين ، لكنه لا يَمتلك حِسّهم ولا شيئاً من سجاياهم ؛ وهذا يعني أن المقياس الصادق هو العمل ومستوى ما يمارسه الفرد من “الود والتراحم” ، والإنسان على نفسه بصير ، ويستطيع بذاته أن يقَيِّم ذاته من هذه الجهة.
_______
(1) المعارج: 22.
• مقتطَف من كلمة لسماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا