[dropshadowbox align=”none” effect=”lifted-both” width=”870px” height=”” background_color=”#ffffff” border_width=”1″ border_color=”#dddddd” ]
بيان سماحة السيد أمين السعيدي حول حادثة الحيدرية بسيهات
الموافق لمحرم الحرام 1437هـ
الدماء الزاكية التي سالت على جسد الوطن النفيس، والجراح النازفة على قلبه ومَواجِعه وهمومه وأتراحه وأحزانه، بتنفيذِ صبيانٍ ’’حُدثاء الأسنان سفهاء الأحلام‘‘ وبتخطيطٍ وتمويلٍ ’’صهيودي‘‘، بَعثتْ فينا الأمل متجدداً –ونحن في صورة اليافع وروح الكهل وآلامه وصوته المبحوح وظهره المحني- نحو قانونٍ صادقٍ وحقيقي يجرِّم الطائفية، ويفي بعهود المؤسس الراحل الملك الأول عبد العزيز موحِّد هذه البلاد العزيزة، ويسمو لتحقيق الأمن الفكري ولغة العلم والمعرفة، ويوطِّن للوطنية وإخراس السفهاء وإلجام الفوضى بما يحمله من إجراءات فعلية منطلقها المناهج الموقوتة الممقوتة والدعاة المشاغبين المشوهين والإعلام المتشيطن اللعين، فهم كالقاتل سواء، ونهايتها إقامة حدود الله تعالى الصارمة على كل أثيم، في أرضه، وإنعاش حشاشة فؤاد العدل في رحبه، وترويض الجهل وبث معالم الشراكة والحُب والإخاء والإنسانية والحرية المعتدلة السمحاء.
كم سيقدِّم وطننا الجريح من الجراح الندية والأرواح البِكْر الفتيّة والأمهات والآباء حتى يَفهم أجلّاء السياسة ومتسنِّموا مقاعد المشوَرة والقيادة بأنّ الاعتراف بما اعترفتْ به دولة الإمارات هو أمر لابد من التواضع له والانصياع لحقِّهِ ومنطقه بإرادةِ الاختيار قبل أن يكون باختيار الإرادة المقسورة الخائبة؟!
إنّ الإقرار بهذا الحق المشهور –أبسط الحقوق التي يلزم أن تكون لكل مواطنٍ يقع في كنف وطنٍ وقيادةِ وطن- هو أمر يفيض العزة والشرف والفخر، ولا يقلل من الشأن والقدْر، كما أن خلافه لا يجر مصلحة ولا يذبُّ مفسدة، إلا ما كان من ذلك في ظاهره على ما يستبطنه من الهلاك الوديع والفناء الوضيع.
وأما سيهات والعنود والقديح والدالوة؛ فليس فيها إلا الأشوس الأقعس المستشيط جنوناً بحب الحسين وآل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، وكل بلدةٍ تعيش في بقاع أتباع علي ليس فيها إلا مَن هو كذلك وعلى ذلك وإلى ذلك، وقد قدَّمتِ القطيف جوابها السريع العفوي الرمزي الشامخ القاطع الصادق برفعها أكثر من عشرة آلاف راية حسينية على منازلها وفي شوارعها مباشرة بعد حادثة الحيدرية ودون أي تردد أو تلكُّؤ، كتعبيرٍ صارخٍ يبيِّن حقيقة أهل البيت في قلوب أتباعهم، وأنّ أعتى وجوه الترهيب لا تثنيهم عن الحسين وآل النبي صلى الله عليه وآله، وأنّ ذلك إنما يزيدهم ضراوة وقوة ومنعة وثباتاً واستبسالاً وإقداماً وجزماً وحزماً، ويفيض عليهم من العدة والدروس والاستعداد، ويعطي لقضيتهم يقيناً متزايداً بحقانيتها ويعمل على نشر ورواج فكر آل محمد في العالم بأسره والفضول والجذب الفريد إليه.
فعجباً لمن جَمع بين سفه الجهل واسم العلم والدين!
كيف تريدون من هؤلاء الذين تتلمذوا تحت منبر علي والحسين عليهما الصلاة والسلام أن يستسلموا أو يضعفوا ويهنوا وهم الذين ائتموا بإمامٍ شدَّ إزاره وسلَّ حسامه بشيبته وقد ناهز الستين من عمره فخرج لقتال الخوارج، فبددهم ومزَّقهم شرَّ ممزَّق؟
وكيف تريدون من هؤلاء أن يتراجعوا ويتذبذبوا وهم الذي تعلَّموا في دروس أنصار الحسين صلوات الله وسلامه عليه أمثال مواقف صحابي رسول الله وحواري أمير المؤمنين، الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر الأسدي ذي السنِّ الكهل، شهامة الوفاء وعنفوان الصمود وقوّة البأس وحبَّ الشهادة في طريق مولاه وابن مولاه وسبط نبيه على رغم سعة البلاء وكثرة صنوف وصفوف الأعداء؟
وكيف تريدون الخنوع والذبول والخضوع من أناسٍ يقولون في كل حين: ’’يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما‘‘ و’’قَبَّحَ الله العيش بعدك يا أبا عبد الله‘‘ و’’ليت الموت أعدمني الحياة‘‘ وتتربى صبيانهم وكبارهم على درس عقيلة بني هاشم وهي رافعة بيديها الذابلتين النحيلتين جسد أخيها المقطَّع بالسيوف وحوافر الخيول قائلة: ’’إلهي تقبَّل منا هذا القربان‘‘؟
أنتم واهمون، وقد جرَّب من كان أشدَّ البأسِ قبلكم؛ فلم يَبلغ مسعاه إلا أن عادت عليه النواعي بما تأتِ الدواهي.
إننا إذ نقول لأهلينا إنّ الخوارج كانوا يعثون في الأرض فساداً في ظهر الكوفة ومكة وخراسان والبحرين ومختلف البقاع الإسلامية سيما ’’الأزارقة منهم‘‘، منذ بزوغ سَرطان نطفهم المشؤومة في كبد هذه الأُمة المنكوبة؛ فإنّهم كانوا يعيشون التشرد والتشرذم والصِّغار والسرقة والنهب والسلب والاختلاس ومختلف أشكال التصعلك، وقد ذاق منهم الأولون ألوان المحن، حتى انضمرت شوكتُهم وفلت شوكتهم وخفي نميرهم، إلا أنّ بيضتهم بقيتْ محفوظة في جحور النفوس الخائبة الظلماء والعقول المقتولة العمياء، على أمل أن تَفغر من جديد لتعبد الشيطان وتقِيم دولته وترفع أعلامه وتنفِّذَ أحكامه، ولهم في كل عصرٍ ومصرٍ صفة، لا تنقطع بذرتهم إلى يوم القيامة؛
ذلك لأنّ العِلمَ لابدّ وأن يصارعه الجهل، والحقَّ لابدَّ وأن يعارضه الباطل، وصراع الحق والباطل يعيشان دوامة التلازم دون انفكاك؛ لأنّ الحقَّ إنما يوصَف بصفةِ عرفان الباطل، والباطل إنما يوصَف بصفةِ عرفان الحق؛ فاصبروا أبناء علي وأنصار أبي صالحٍ كما صبر الأولون الذين أوصلوا لكم الحق بالدماء النفيسة وتحمُّل مرارة الفجائع والكذب والتشهير والاطهاد، فالخير لكم وأنتم الأعلون بحول الله تعالى؛ إذ الظالم قرين الشيطان ومآله إلى هوان وما رأيه إلا فَنَد وأيامه إلا عدد وجمعه إلا بَدد، والمظلوم منصور العادل المنَّان والولي المستعان ومآله إلى راحةٍ ودَعةٍ يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
فبئسَ ما يَشترون، وبئسَ مثوى المتكبِّرين، وبئسَ القرين الشيطان، وبئسَ الشيخُ أنت لدى المخازي، وبئس الشيخ أنت لدى المعالي، جَمَعتَ اللُّؤمَ لا حيّاكَ ربي، وأبوابَ السَّفاهةِ والضلالِ، فبئسَ للظالمينَ بَدلا، ولا حول ولا قوةَ إلا بالله العليِّ العظيم.
أمين السعيدي
محرم الحرام 1437هـ
[/dropshadowbox]
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا