حَل تعارض الآراء بين الزوجين في (الأمور الحياتية) و(التربية).
منشور رقم 6 بتاريخ 16-12-1434هـ
مِن خلال التّوازن بين (العلاقة الزّوجيّة) و(تربية الأبناء) ، وعدم انعكاس (الاختلاف بين الزّوجين) على أبنائهما ، ومن خلال تقديم (آرائهما) لهـم بصورة أقرب للدّيمقراطيّة ، وتَفَهُّم الزّوجة لـ(معايير ولاية الأمر الّتي هي تكليف ربِّ الأسرة) ، و(احترامها لحكمة الله تعالى ومعتقَداتها الدِّينيّة التّنظيميّة) ، و(ليونة الزّوج ومرونته ومطّاطيّته في تقَبُّل الرأي الآخر) ، فمن خلال مجموع هذه الأمور نعي (منهجيّة علاج حالات التّـعارض التـّـام في الـرّأي بين الشـّـريكين الزّوجيَّـين) ؛
بمعنى أنّه عندما يكون لكل منهما في مسألة معيـَّـنة –كمسألة التـّربية مثلاً- رأيٌ بخلاف رأي الآخر ، ولم يمكن الجمع بين رأييهما بوجهٍ من الوجوه في تلك المسألة المعيَّـنة ؛ ففي هذا المَورِد – عقلاً وشرعاً – يكون رأي (ولي الأمر) هو المقدَّم ، شريطة أن يكون معتدلاً وأكثر خبرة وصالحاً لإدارة الرّأي ؛ لذا كان (ولي الأمر) هو الّذي يَتحمَّل الجزء الأكبر من تبعات الأخطاء ضمن إطار الأسرة.
هذا طبعاً بالنـّـسبة لحالات الاختلاف الطّبيعيّة في (الأمور الحياتـيّـة) ؛ أمّـا في (العقيدة) فدَوْرُ الأب والأم يقتصر على الإرشاد والـتّـوجيه ، وما عدا ذلك يُـترك المجال فيه للأبناء ، ليمارِسوا دورهم في البحث عن قناعاتهم العَـقَـديّـة ، فالعقل والدِّين –في الجملة- استَـقـبَحا التـّـلقين ، وما مقولته الشـّـهيرة:
(ما مِن مولود إلا يوْلَد على الفِطرة ، فأبوها يُهَـوِّدانه أو يُـنصِّرانه أو يُمـَجـِّـسانه كما تــُـنـْـتـِجُ البهيمةُ بهيمةً) ، فما هذه المقولة الشـّهيرة إلا تعبير آخر عن رفْـض الدِّين الحنيف للتـّـلقين العـَقــَدي تجاه الأبناء ، فالعبد عند بلوغه سن التّكليف يكون مسؤولاً عن البحث والـتّـحرّي في هذا المجال ، ودور الأبوين تجاهه في ذلك دورُ الـتّوجيه والإرشاد والمناقشة الفكريـّـة المتوازنة ، إلا في بعض الموارد الّتي تــَتطلَّب التـّـأديب ، وهذه الموارد الـتـّـأديبيّة لها قوانين شرعيَّـة بـحْـثــُـها آخر يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
نهايةً: لا يغيب عنـّـا قول الخَبر: (مَن قَلَّبَ وُجُوهَ الآراء عَرفَ مَواقع الخَطَاء “مَواقع الخطأ”) ، وأنّ تقليب وجوه الآراء كما يحصل بالعقل الواحد كذلك يحصل بالاستعانة بالعقول والطّبائع الأخرى ، فالإصغاء لوجهات نظر الشـّـركاء في الأسرة يثري ولي الأمر ، ويَـكشف أمامه الرّؤية الواضحة ، ويمَـكــِّـنه من اتــّخاذ الـرّأي النّاجح في أسرته السّـعيدة المُحْـتَـفِـية بتربيةٍ ناضجة وباْلتـقـاءٍ روحيٍّ مرْضي.
السيد أمين السعيدي
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا