دعاء النّبي إبراهيم تجاه مسألة الإمامة
● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بالنّسبة للفرع الأوّل من سؤالكم (هل نبي الله إبراهيم عليه السّلام يعلم أنّ الإمامة من ولد النّبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم؟) فجوابه: نعم، كان يعلم بذلك فيما لو توجّهت نفسه أرادت العلم به، فالمعصوم – نبيّاً كان أو إماماً – إذا أراد معرفة شيء غيبي، ووجّه إرادته نحو معرفة ذلك؛ فإنّه يُقذَف في نفسه بقدرة قادر سبحانه وتعالى، فيَعلم به. وأمّا الفرع الثّاني من سؤالكم (وإذا كان يعلم لماذا طلبها؟) فجوابه: بل وحتّى لو وقعت الإمامة في ذرّيّة النّبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم فقط، فهذا بحد ذاته يكفي في أن يمارِس النّبي إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام الدّعاء تجاه ذلك؛ لأنّ النّبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم –كما اشرنا- من ذرّيّته، وبالتّالي صار نبيّاً، مضافاً إلى أنَّ أبناءه هم أبناء النّبي إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام أيضاً وامتداد لنسله. وإن كان ليس هذا المقصود، وإنّما المقصود: إذا كان النّبي إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام يَعلم بأنّ الإمامة ستكون في ذرّيّته هو، فلماذا دعا الله تعالى بأن يجعلها في ذرّيّته مع علمه بأنّ الله سبحانه أساساً سيجعلها في ذرّيّته؟ بمعني أنّه ما فائدة هذا الدّعاء إذن؟ فالدّعاء تجاه ما نعلم بأنّه سيحصل لَغو ولا قيمة له. إن كان هذا هو المقصود فالجواب: إنَّ تقديرات الله تعالى قابلة للإزالة والرّفع منه سبحانه، لذا كان أهل البيت عليهم الصّلاة والسّلام دائماً يقولون: [لو لا آية في كتاب الله لأخبرناكم بما يكون إلى يوم القيامة]، يقصدون بذلك آية {يَمْحُو اللهُ ما يشاء ويُثْبِتُ وعندهُ أمُّ الكِتاب}، إذ أنَّ الله سبحانه وفق الشّروط والأسباب قد يغيّر تقديراته، تماماً كسبب “الصّدقة”، فالصّدقة تدفع البلاء المقدَّر، فهي شرط من شروط رفع الأذى وإبعاده عن المتصدِّق، ممّا يعني أنّها سبب من أسباب تغيير التّقدير الإلهي وفق إرادة الله ومشيئته سبحانه وتعالى. والدّعاء كذلك، فهو كالصّدقة، يؤدّي دوراً خاصّاً، ودوره هو قضاء الحوائج، أو تثبيت التّقدير الإلهي، أو تغييره، وما شاكل، فهو إذن له فائدة حتى مع العلم بالمقدَّر القابل للتّغيير، بل وحتّى مع العلم بأنّه سيقع ذلك المقدّر حتماً، حيث أنّ الدّاعي بممارسته للدّعاء تجاه ذلك الشيء الّذي يعلم بأنّه سيقع حتماً، يؤدّي –مثلاً- وظيفة التّذلّل لله تعالى، والخضوع لتقديره، وإبراز الرّغبة في تحقّق هذا التّقدير الخاص، وإظهار مشاعر الرّضا والسّرور تجاه هذا التّقدير، وإلفات النّفس لهذه النّعمة، لتوطينها على الشّكر والحمد. وفّقكم الله للصّالحات، وحرسكم. نسألكم الدّعاء السيد أمين السعيدي قم – 20 ذي القعدة 1432هـ |
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا