رسالة إلى صحيفة شارلي ايبدو “Charlie hebdo”
أنا، المواطن أمين السعيدي، من الحجاز، الجزيرة العربية، رشيد، أخاطبكم بكل قواي العقلية، وعليها قوة إضافية أخرى من نوعٍ لا تفقهونه.
أنتم، وبكل قواكم الشهوية ..، تعرَّضتم لمقام رجلٍ هو في الحقيقة جدي، وأنا من أبنائه، لا بالبنوّة الاكتسابية ولا بالرضاعة ولا بالتبني ولا البنوّة الأنبيائية العامة، وإنما بتعبير الفقهاء (البنوة النسبية الصلبية)؛ من نسله الشريف.
أنتم، أصحاب هذه الصحيفة الإجرامية الإرهابية اعتديتم على جدي، الذي لربما لا تعرفون حتى نسبه؛ جدي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، يمتد نسله إلى الأنبياء الأجلاء، سادات البشرية وقادة الأمم في السماوات قبل آخر التنزّلات؛ يمتد إلى إسماعيل، ومن إسماعيل يمتد إلى إبراهيم الذي هو خليل إله الوجود كافة، إلى نوح، إلى إدريس، إلى شيث، إلى آدم أبي البشرية، عليهم الصلاة والسلام، وعليه أفضل من ذلك.
جدي، يا أصحاب الصحيفة الإجرامية الإرهابية، الذي اعتديتم عليه بجهالتكم وحماقتكم المعتادة، هو من إسماعيل الذي خاب بكم الظن وأردتم النبوة -أيها القطعان اليهودية- في أخيه إسحاق؛ لذا تحقدون عليه وعلى الشعوب الشريفة المسلمة التي نصرَته يوم أن كذبتموه وخذلتموه بعد أن كنتم تبشرون وتستفتحون على الناس به، وهو عندكم في كتبكم، ثم حاربتموه وأَلَّبْتُم عليه الأحزاب ونَبَذَةَ الكِتاب، ثم ما حاضت لكم حيضة حتى سممتموه وهو في ريعان عمره الشريف.
فأنتم أول الناس إرهابا، وأعظمهم عند الله إجراما، وأكذبكم للحرية منطقا.
وأنا، المواطن الحجازي، رجلٌ مسالِمٌ أعيش في ديار الفقر، ابن هذا الرجل الأعظم، أسألكم: لماذا اعتديتم على أبي؟
هل هذه هي الحرية العمياء التي تنادون وترتجزون بها؟
أَما تستحون، أما تخجلون؟
لا بل أما تخجل أقلامكم؟
بل أما يخجل مَن سرا إليه عارُ فكركم؛ فانخدَع؛ فحَشَرَ فنادى أن أيها الناس الحقوا بالرِّكاب؟
أيها المجرمون، يا دعاة الإرهاب والعنصرية، إن كنتم تبحثون عن شهرةٍ لصحيفتكم، وأموالٍ لحبر أقلامكم وأوراقكم القذرة الأثيمة؛ فليس هنا محل رِكابها، اطلبوها بعيداً عن أبي، واحصدوها مِن القَتَلة المجرمين؛ قَتَلَتَ الأطفال والنساء الحرائر في غزة وفلسطين وجميع بقاع العالم، واطلبوها من مجرميكم الذين صنعوا لنا داعش وتظاهروا قبل يومين في باريس ليضحكوا على أنفسهم لا على الذين خَبِروا حماقاتهم وشيطناتهم طوال السنين.
وأسألكم بذات الحرية التي تدَّعونها، وباسم منطق الخديعة ونسيج المكر الذي تجذَّرت أصوله فيكم وتفرَّعت عليه فروعكم: كم هو عدد الذين ذهبوا في المحارق النازية اليهودية في ألمانيا؟ ولماذا قتلتم المفكر الفرنسي روجيه جارودي (رجاء غارودي) صاحب كتاب (الإرهاب الغربي)، الذي اشترى صفحة كاملة بصحيفة اللوموند الفرنسية بحسابه الخاص من 17 يونيو 1982 موجهاً نقداً لاذعاً للإجرام الآتي من دياركم، والذي رَصَدَ في كتابه (الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل) خرافة أسطورة حرقِ ستة (6) ملايين يهودي في أفران هتلر، وأنه كيف يحدث حرق ستة (6) ملايين يهودي وعدد اليهود في أوربا كلها لم يكن يتجاوز آنذاك ثلاثة ونصف (3.5) مليون يهودي، وهكذا كشف خرافة الأسطورة؟
وأسألكم بنفس منطق الحرية الكاذبة: كم هم الأطفال الذين استشهدوا في فلسطين ولبنان؟
كم قتلتم في العراق وأفغانستان؟
ولماذا قواعد بلدانكم تستوطن بلداننا وعلى عواتقها السلاح؟ هل هذا هو منطق السلام وأنتم في هوسِ حربٍ مستمر؟
ولماذا اعتنَقَ أبناؤكم والغربيون الإسلام؟
مَن الذي صَنع الصواريخ والقنابل التي قتلت الشعوب ودمَّرَتْ مدينتين بكاملهما في اليابان؟
من الذي تَفَنَّنَ في صناعة آلات القتل والحرب وباعها في الأسواق السوداء والحمراء؟
أبي؟ محمد؟
اعلموا أن جميع هذه الحقائق يعرفها أصغر طفلٍ مسلم، فمما تسْتَخْفون وعلامَ تبحثون؟
يقول الفرنسي غارودي المفكر القتيل ببراءة الفكر: (لقد صَوَّرُوا لنا المسلم على أنه متوحش همجي، فإذا بي أمام منظومة قِـيَم متكاملة لها اعتبارها، لقد علَّمني هذا الموقف، واستفدت منه أكثر من استفادتي عشر سنوات بالسوربون).
ويقول: (نعم فقد وجدت في الإسلام مبتغاي، ومقصدي فكرة “المنطق”؛ ففي الإسلام تجد العلاقة بين الله الخالق وبين المخلوق الإنسان علاقة مباشرة بلا وسيط بينهما…).
يا أصحاب الأفواه الضَّـيِّقةِ الشَّرِهة، وأوتادَ الخِلْسَةِ وتُجّارَ الأجسادِ والحشيشِ والخمرِ والمَيْسر، وعَبَدَةَ الفروج والشهوات والأوثان البشرية، إنّكم بكل فريةٍ تقترفونها تدلون على حماقتكم أكثر فأكثر.
أَما كفاكم أنكم صنعتم لنا الطائفية في عقر ديارنا وغذيتموها بالفتن وأَنتجتم لنا وليدتكم المتوحشين وسلحتموهم؟ فبيدٍ تقتلونهم وبيدٍ تطعمونهم! ونحن بلسانٍ ندعو للاحترام والوحدة والحرية العادلة السمحاء وبعينٍ نبكي الفرقة والتصليب والتجزير والقتل والتشريد والتغريب والأيتام والأرامل.
اهزؤوا بحماقاتكم، فإنّ أكابر مجرمي العالم يعيشون بينكم.
كفوا أفواهكم ولعابكم النتن عن التلاعب باسم أبي.
احترموا الحرية والحقوق ولو لمرةٍ واحدة، كفاكم عاراً وكفانا دَماراً، فإنّكم بهذه الصنائع لن تحجزوا شعوبكم المسكينة عن اعتناق نور الإسلام الحقيقي الناصع الذي سعى آباؤكم وأجدادكم قبلكم لتشويهه وتغييبه وإزوائه؛ فبَزغَ نورُه أخّاذاً لامعاً يُشرِق للعالمين بالضياء والأمل والحرية والفخر والعزة والكرامة أكثر فأكثر؛ فاليوم أنتم ذبحتم هنا بأيديكم على مَحَك الفكر أتباعكم مِن أنصاف المتثقفين الذين غرَّتهم دعاواكم الفاشلة ورَقَصَتْ عليها المطربات والمغنيات وداعيات الفواحش.
إنّا عليكم تَباكينا، وفيكم تَعادَينا، أبهكذا تُجازِينا!
إنّ الذي تمارسونه هو العنصرية العمياء بعينها، لا غير، وهو الذي يوَطِّد للقتال والإرهاب ويأنَس به المجرمون الأرذال. فإن كنتم تبحثون عن السلام؛ فاحترموا مقاليدَ الأنام، وهذه أيدينا للعالَمين مبسوطة، وأعناقنا للصادقين ممدودة، وأبصارنا لتحقيق الإنسانية العقلانية شاخصة؛ فدُونكم حدّكم، كفّوا رجسكم عن حُرمةِ أبي.
بسم الله الرحمن الرحيم
{إنّا أعطيناكَ الكوثَرَ * فصَلِّ لربِّكَ وانحَر * إنَّ شانئكَ هوَ الأَبْتَر}
والسلام على من اتبع الهدى
أمين السعيدي
من مواليد الجزيرة العربية – 24ربيع الأول1436هـ
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا