سؤال حول مصدر الضوء والظلام
● السائل:
اذا كان للظلام أصل .. فهل نستطيع أن نستولد الظلام كما نستولد الضوء ؟ هل نستطيع أن ننشر الظلام في غرفة بوجود الضوء ؟ أي مصدر للضوء و مصدر للظلام ؟
هل الاثر يعتبر أصلاً ؟ لما لا يكون الأثر هو نتيجة لأثر غياب الأصل ؟ و كذلك هل سيوجد الله الشر مثلا اذا كان الله أوجد الشر بأصله فهذا يعني الله ليس عادلًا .. كيف يوجد أصلا للشر ؟
● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
بالنّسبة إلى أنّه هل نستطيع توليد الظّلام، فيمكن (أيضاً) الرَّد في صدد تبرير قول من أرجع الصّفات الثّبوتيّة إلى السّلبيّة ما يلي:
ليس كل ما لا نستطيع توليده فهو لا أصل له، فأنت مثلاً هل تستطيع أن تولِّد المجرَّدات؟ هل تستطيع أن تخلق لنا ملكاً؟
لا تستطيع؛ وبالتّألي هل معنى هذا عدم وجود أصل للمجردات والملائكة؟ كلا.إ ذن؛ عدم قدرتك على توليد شيء لا يعني عدم وجود أصل له؛ هذا أوّلاً.
و ثانياً: الظّلام نولّده بوضع حجاب على النّور، فالحجاب مولِّد للظلام، كما أنَّ الشّمس عند عروضها على الجسم المادّي بزاوية غير عموديّة تولِّد الظِّل.
وثالثاً: بل مجرَّد حاجتنا للنّور في رفع الظّلام دليل على سبق الظّلام للنّور وعلى أصالته.
ورابعاً، أنت لو وضعت اللون الأبيض أو الصّبغ الأبيض بمقدار معيَّن في ورقة، ثمَّ وضعت عليه اللون الأسود أو الصّبغ الأسود بنفس ذلك المقدار، وخلطتهما به كما يختلط النّور بالظّلام، أو عملت العكس، بحيث وضعت الأسود ثمَّ خلطته بالأبيض بنفس المقدار، فما الّذي ينتج؟
لا شك سينتج بهذه الممازجة اللون الأسود؛ علماً أنّه يقال في الفلسفة أنَّ أصل جميع الألوان هما الأبيض والأسود، فهما إذن أصل، وهذا قريبٌ من ذاك.
ثمَّ بالنّسبة إلى سؤالكم: هل الاثر يعتبر أصلاً ؟ لما لا يكون الأثر هو نتيجة لأثر غياب الأصل ؟
فالجواب: إنَّ من المتسالم عليه هو أنَّ لكل أثرٍ مؤثِّر، ويستحيل وجود أثر بلا مؤثِّر، وبالتّألي إن سلّمتم بأنَّ للظّلام أثر، فيجب أيضاً أن تسلّموا بأنَّ له أصل وإن لم تبلغ كنه ذلك الأصل.
أمّا بالنّسبة لسؤالكم: و كذلك هل سيوجد الله الشر مثلا اذا كان الله أوجد الشر بأصله فهذا يعني الله ليس عادلًا .. كيف يوجد أصلا للشر ؟
فالجواب: وهل وجود إبليس شر أم خير؟
نعم هو في بادئ وجوده خير، لكنّه بعد ذلك أصبح شراً، فالأصل هو الخير، والله خير مطلق، لكن هذا لا يعني عدم وجود شر، فالشّر له تحقّق خارجي، بدليل وجود أثره، وإلا لو كان كل شيء خير لما احتجنا لعدل الله تعالى ولما كان لعدله سبحانه فائدة بالنّسبة لنا ما دام لن يظلمنا؛ ففرْقٌ بين أن نقول هل للشّر تحقّق في الخارج وأصل، وبين أن نقول صفات الله تعالى كلها خير. فالكون بلا وجود الله لا وجود له، وعدم وجود الله وعدم وجود الكون شر، ولا شيء سابق لله. هذا ما يمكن قوله في صدد تبرير قول من أرجع الصّفات الثّبوتيّة إلى السّلبيّة، فإن قبلت فبها، وإلا فسر على الرّأي الآخر إن كانت قناعتك معه.
استمرّوا على هذا المنهج من التحقيق والتّدقيق.
السید امین السعیدی
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا