سجود التلاوة «آيات السجود بيان تفصيلي واضح لأحكامها»
● السائل:
السلام عليكم
سؤال الى سماحة السيد أمين السعيدي
هل السجود واجب عند قراءة اي اية من آيات السجدة؟ فلو قرات الاية وانا جالس في مكان غير مهيأ للسجود فما هو تكليفي؟
◀ جواب سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله:
أولاً:
هل هي آية سجود واجب أم لا؟ أي هل هي من سور العزائم أم لا؟
لأن هناك آيات سجود، لكنها مستحبة، وهناك آيات سجود واجب؛ أما الواجب السجود عندها فهي أربع آيات في أربع سور؛ هي:
١- (ألف لام ميم تنزيلُ الكتاب)، والسجود يكون في الانتهاء من قراءة الآية ١٥ من هذه السورة التي رقمها في القرآن هو ٣٢.
٢- (سورة النجم: والنجم إذا هَوى)، والسجود في الانتهاء من قراءة الآية ٦٢ من هذه السورة التي رقمها في القرآن هو ٥٣.
٣- (سورة فُصِّلَت: حم تنزیل من الرحمن الرحیم)، والسجود يكون في الانتهاء من قراءة الآية ٣٢ من هذه السورة التي رقمها في القرآن هو ٤١.
٤- (سورة العلق: اقرأ بِاسمِ ربِّكَ الذي خَلَق * خَلَقَ الإنسانَ مِنْ عَلَق)، والسجود في الانتهاء من قراءة الآية ١٩ (الآية الأخيرة) من هذه السورة التي رقمها في القرآن هو ٦٦.
فآيات السجود في هذه السور هي الواجبة؛ ولهذا سُمّيَت بالعزائم؛ لأن سجود التلاوة واجبٌ فيها وعزيمة لا رخصة في تركه [العزيمة في الفقه هي في قبال الرخصة والترخيص بالترك]. وأما ما عداها من آيات السجود؛ فالسجود فيها مستحب وليس بواجب.
ثانياً:
هل القراءة للآية كان بشكل شخصي، أم من قارئ آخر، أم من خلال تسجيل؟
فعلى الافتراض الأول والثاني تجب السجدة، وعلى الافتراض الثالث لا تجب؛ لأنها تجب بالقراءة الشخصية أو السماع المباشر؛ أما بالسماع من تسجيل فلا تجب.
نعم؛ عند السماع من بث مباشر كما في التلفاز والراديو والإنترنت؛ فإن السجود لها يجب؛ فالبث المباشر كالقراءة الشخصية وكالقراءة من طرف آخر بسماعك له مباشرة.
وكذا لو مثلاً قَرأ الآية في قلبه بالنظر لآية السجود وما شاكل، بدون صوت؛ فالسجود لا يجب؛ لأن وجوب السجود مشروط بالقراءة بصوت.
ثالثاً:
هل السماع كان متقصداً وفيه إصغاء حينه أم لم يكن متقصداً ولم يكن فيه إصغاء؟
فعلى الافتراض الأول تجب السجدة، وعلى الافتراض الثاني لا تجب؛ لأن السجدة تجب في حالة قصد السماع والإصغاء.
رابعاً:
ما مرادكم من قولكم في السؤال: (مكان غير مهيّأ للسجود)؟
ففي ذلك احتمالات:
أ/- إذا كان قصدكم وجود مانع تكويني وغيره بحيث لا يمكن رفْعه؛ كألم الحيض والنفاس، أو غير ذلك من الأسباب المانعة عن مباشرة السجود والغير قابلة للرفع؛ فيكفي عندئذٍ الإيماء للسجود بالرأس، ثم القضاء عند حصول التمكن.
علماً أنه في مثل حالات الحيض والجنابة لا يجوز قراءة آيات السجود الواجب، بل بعض الفقهاء لم يجوز قراءة شيء من سور العزائم مطْلَقاً لا فقط آيات السجود التي فيها.
وأما لو كنتَ مثلاً تقود السيارة وما شابه دون مانع من أداء السجود؛ فهنا يجب عليك التوقف والسجود، فأرض الله واسعة ومحلَّلة، كما يمكنك السجود في داخل السيارة أيضاً.
وكذا إذا تَعذَّر السجود على الغير ممنوعين من قراءة العزائم؛ كالذي مثلاً ليس حائضاً ولا جُنباً، وإنما في موضع لا يمكنه فيه السجود؛ كالتواجد في الطائرة مع عدم وجود مكان للسجود فيها، وكالمتواجد في سفينة أو في حافلة عند السفر والحال مزدحم لا يمكن فيه السجود؛ فهذا لو قَرأ بصوت أو سَمع آية السجدة عن قصد فعليه عندئذٍ الإيماء للسجود بالرأس، ثم القضاء عند حصول التمكن.
ب/- هل المانع المقصود لديكم هو مثل الكون في الصلاة؟
إن كان نعم؛ فاعلمْ أن قراءة سور العزائم في الصلاة أمرٌ جائز، لكن إذا قرأ سورة من العزائم فوصل إلى آیة السجدة؛ فعندها ((يجب)) عليه السجود. فإذا سجد سجود الآية بطلت صلاته -علی الأحوط وجوباً-، وأما إذا عصى ولم يسجد وأكمل صلاته بشكل طبيعي؛ فصلاته لا تبطل ويجب عليه قضاء السجود بعد الصلاة.
وأما إذا استمع للآية في صلاة الفريضة بشكل مباشر من قارئ آخر وعن قصد، لا أنه هو قرأها بنفسه، ولا أنه سمعها بلا إصغاء ودون قصد؛ فالسجود في هذه الحالة يكون بـ((الإيماء بالرأس)) -على الأحوط وجوباً- ويكمل صلاته، ثم يقضي السجود بعدها. أما السماع عن غير إصغاء وبلا قصد فكما قلنا لا يوجب السجود.
هذا؛ وبالنسبة لصلاة الجماعة؛ فلها أحكام خاصة؛ فلو أثناء الصلاة جماعة قَرأ الإمام آية السجود الواجب، وهو كان مأموماً خلفه، لكن هذه الحالة نادر وقوعها؛ باعتبار أنّ الإمام يُفترَض أنه خبير بأن لا يأتي بسورة عزيمة في (صلاة الجماعة).
علماً أن هذه العملية -أعني قراءة آية من العزائم في الصلاة ثم السجود لها، سواء الصلاة جماعة أم فرداً- هي طريقة جيدة لمن يريد إبطال صلاته الشخصية بأدب لغرضٍ اضطراري معيَّن؛ كالحاجة إلى بيت الخلاء وما شاكل.
ج/- هل المانع المقصود لديكم في السؤال هو مثل عدم التمكن من الوضوء وعدم التمكن من التوجه للقِبلة؟
إن كان نعم؛ فالطهارة أساسً لا تجب على أحد في سجود العزائم، ولا استقبال القِبلة، ولا التكبير، ولا الذِّكر، فيكفي السجود خالياً من أي شيء من هذه الأمور. نعم؛ يستحب القول في السجود: «سبحان الله»، وكذا يستحب في سجود التلاوة أن تقول:
«بسم الله وبالله اللهم صلّ علی محمد وآل محمد»، أو يقول:
«لا اله إلا الله حَقّاً حَقّاً، لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً، لا إله إلا الله عبوديةً ورِقّاً، سجدت لك يا رب تعبداً ورِقّاً، لا مستنكفاً ولا مستكبرا، بل أنا عبدٌ ذليلٌ ضعيفٌ خائفٌ مستجير».
نعم؛ تجب النية عند السجود، وكذا يجب -على الأحوط- وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، لا السجود على السجاد وما شاكل، وقد ذهب أيضاً كثير من كبار علماء إخواننا السنة إلى عدم جواز السجود على السجاد وأمثاله، سواء في الصلوات الفرائض أو الصلوات المندوبة ..
نسألكم الدعاء
أمين السعيدي – قم
٢٤ رجب الأصب ١٤٣٥هـ
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا