شروط القرائة الصحيحة● السائل:
ماهي شروط القراءة الصحيحة للسورة في الصلاة، وهل قراءة الركوع والسجود او التشهد او غيره حتى تكون صحيحة يشترط ان يكون النطق او القراءة صحيح خالي من الاخطاء؟ ● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنار الله دربكم، وأصلح شأنكم، وتقبَّل أعمالكم. بالنسبة للقراءة فهي جزء من الصلاة له مسائل عديدة، ولأن سؤالكم مختص بـ(القراءة الصحيحة) لا بمسائل القراءة الأخرى، فسنقتصر هنا على بيان هذه المسألة، وذلك كما يلي: اعلمْ أنه يجب أن لا تقع القراءة بشكل ملحون؛ أي أن لا تقع بأغلاط لغوية ونحوية وصرفية؛ كأن يجعل مكان الفتحة ضمة، أو بدل الألف فتحة، أو بدل الواو ضمة، أو بدل الياء كسرة، والعكس؛ أي بأن يجعل بدل الضمة واواً، وبدل الفتحة ألفاً، وبدل الكسرة ياءاً، فالضمة تُـنطق في اللغة العربية نصف واو، وليست واواً كاملة، والفتحة نصف ألف، والكسرة نصف ياء، وغير ذلك من وجوه اللحن الباطلة في التلفظ والنطق… ولهذه الجنبة مسائل فيما لو لم يتمكن المكلَّف من التعلم ومن عدم القراءة بالشكل الملحون، وما شاكل من مسائل الائتمام بمن يتقن القراءة، وغير ذلك، لكن لأن مسألتنا –كما ذكرنا- في خصوص القراءة الصحيحة فنقتصر في المقام على بيان ما تعلق بها. ثمَّ إن القراءة الصحيحة يلزم أن تكون وفق (القراءات السبع) التي كانت متداولة في زمن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وظهور المعصومين، فقد وردتنا عشر قراءات مختلفة في قراءة بعض الآيات القرآنية، إلا أن منها (سبع) قراءات معتبرة عندنا، وقد أمضى الأئمة عليهم الصلاة والسلام القراءة وفقها، وهي معروفة معدودة بُـيِّـنَـت في محله من الكتب المختصة بقراءة القرآن الكريم؛ فمثلاً قوله تعالى في سورة الحمد: {مالِكِ يومِ الدِّين}، فهذه الآية وردت في قراءة أخرى هكذا: {مَلِكِ يومِ الدِّين}؛ أي وردت في قراءة مالكِ وفي أخرى مَلِكِ، وكل من القراءتين كانتا مما هو متداول في زمن ظهور أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ولم يمانعوا من القراءة بهما، بل أمضوا ذلك؛ لذا تجوز القراءة بأيهما أراد القارئ، وبغير ذلك مما ذُكِر في القراءات السبع الثابت قَبولها، كما سنذكر بعضاً من الأمثلة عنها فيما سيأتي. هذا وتكفي القراءة أيضاً وفق (النهج العربي المتعارف وفق أحكام اللغة)، وإن كانت القراءة وفق النهج العربي مخالفة في بعض الموارد للقراءات السبع في (حركة بُـنْـية أو إعراب) حسبما سنوضِّـح؛ فإنه لا مشكلة في ذلك، إلا أن يكون التعدي عن تلك القراءات يرتبط بـ(الحروف والكلمات)، لا بالحركات والإعراب؛ فإنه عندها لا تصح القراءة وفق ذلك النهج العربي في خصوص هذه الموارد، بل يجب اتباع إحدى القراءات السبع في ذلك؛ فالمخالَـفة في حرف يصح وفق القراءات السبع فقط، تماماً كما رأينا في (مالكِ) و(مَلِكِ)، حيث اختلفت الحروف، أما في اللغة العربية فالمخالَـفة جائزة فقط بالنسبة للحركات الصرفية والإعراب كما ذكرنا. والمراد بـ(الحركات الصرفية) أو ما يسمَّى (بُـنْـيَة الكلمة) هي الحركات التي تكون في بدايات الكلمة وأواسطها دون آخر حرف منها، وهو ما يَـتكفَّـل ببحثه وبيانه (علم الصرف)؛ أما المراد بـ(الإعراب) فهو خصوص حركة آخر الكلمة، لا حركات أولها وأواسطها، وهذا ما يَـتكفَّـل ببحثه وبيانه (علم النحو)؛ فعلم الصرف يَـتكفل ببيان حركات أوائل وأواسط الكلمات العربية، بينما علم النحو يَـتكفل ببيان حركة أواخر الكلمات العربية. ثم إنه (يستحب) في صحة القراءة عدم السكوت بالحركة في نهاية الكلمة عند إرادة الوقوف عليها، وكذا (يستحب) عدم الوَصل والتكملة بتسكين آخر حرف من الكلمة إذا أراد القارئ أن لا يسكت عندها؛ فمثلاً: لو قرأ قوله تعالى: {اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ * صِراطَ الّذينَ أَنمتَ عليهم …}، فإن كلمة (المستقيم) كما ترى آخر حرف منها مفتوح، فلو أراد السكوت عند هذه الكلمة ثم التكملة، فإنه (يستحب) أن يلفظ آخر حرف منها بالسكون لا بالفتح، أما لو أراد الاستمرار لا الوقوف والسكوت عندها، فإنه (يستحب) أن يقرأ آخر حرف منها بالفتح لا بالسكون؛ ذلك كونه يريد الاستمرار في القراءة لا السكوت قليلاً. وبالنسبة لأحكام (علم التجويد)؛ أي علم تحسين القراءة القرآنية وتجويدها كما عند العرب، فمن تلك الأحكام ما هو (واجب) عند (علماء التجويد)، ومنها ما هو (مستحسَن). أما ما هو (واجب عند علماء التجويد) فهو يستحب في صحة القراءة عند (الفقهاء) لا أنه يجب، بخلاف ما هو (مستحسَن) من تلك الأحكام عند (علماء التجويد)، إذ لا يجب ولا يُستحسَن ولا يستحَب عند (الفقهاء)، بل إن في بعض تلك المحسِّنات الغير واجبة عند (علماء التجويد) إشكال شرعاً ويجب ترك اتباعه في القراءة أثناء الصلاة؛ فمثلاً: يقول (علماء التجويد) بأن (مَدّ الحروف) يجب في موردين، وهما: يجب عند علماء التجويد المد فيما إذا وقع بعد (الألف المفتوح ما قبلها) أو (الواو المضموم ما قبلها) أو (الياء المكسور ما قبلها) سكون لازم في كلمة واحدة مثل كلمة (أَتُحَاجُّونِّي). لذا نجد أن فواتح السور تُـمَـد، مثل (ص) و(ق) وبقية الحروف المقطَّـعة الموجودة في بدايات بعض السّوَر القرآن الكريم، والسبب في مدها هو أنها تنطق بالحرف كما هو، فتُقرأ هكذا: صاد، وقاف، فكما تلاحظ عند قراءة الحرف كما هو فإن القاعدة تنطبق عليه، فكلمة (صَاد)، حرف (ص) منها مفتوح، وبعده ألف، وما بعد الألف ساكن؛ لذا يجب المد في ألف حرف (صآد)، وكذا الأمر في (قاف) وما شاكل من الحروف المقطَّـعة، فهي تمَد بسبب انطباق هذه القاعدة التجويدية عليها؛ فكل هذه الموارد يجب فيها المد عند علماء التجويد بينما يستحب شرعاً ولا يجب. علماً أن الحكم مختص بـ(الألف والواو والياء) كما ترى، وهذه الحروف الثلاثة يُـصطلَح عليها في اللغة العربية مسمَّى (حروف العلة)، فهي لها أحكام خاصة بها. 2-ما تقدم كان بالنسبة لـ(المورد الأول) من الموردين اللذين يجب فيهما المد عند علماء التجويد بينما يستحب عند الفقهاء؛ أما (المورد الثاني) الذي يجب فيه المد عند المجوِّدين ويستحب عند الفقهاء فهو: أن يقع بعد أحد حروف العلة الثلاثة همزة في كلمة واحدة مثل: جاء وجِيء وسُوء؛ فهنا عند (علماء التجويد) يجب مد حرف العلة بينما يستحب عند (الفقهاء). نعم؛ إذا توقف تلفُـظُ الكلمة ونطْـقها وأداؤها على مد حروف العلة؛ فهنا يجب المد عند الفقهاء أيضاً؛ فمثلاً كلمة {الضَّآلِّين} نلاحظ أن القاعدة تحققت فيها، ولا يمكن نطقها وتلفظها إلا بمد الألف الثانية والياء؛ لذا قال (الفقهاء) بوجوب المد في ألفها الثانية ويائها كي يتحقق أداؤها ونطْـقُـها. هذا بالنسبة لما (يجب في علم التجويد)؛ أما ما (يُستحسَن عند علماء التجويد ولا يجب)، وبالتالي (لا يُستحسَن ولا يستحب الإتيان به عند الفقهاء)، بل في بعضه (إشكال شرعاً)، فذلك من قَبيل الإدغام في الكلمتين التاليتين: (سَـلَـكَـكُـم)، فإدغام الكاف في الكاف الثانية التي من جنسها هكذا (سلكـّـم)، فهذا الإدغام فيه إشكال شرعاً، فيجب قراءة ذلك بلا إدغام. كذا مثلاً كلمة (خَـلَـقَـكُم)، فإدغام القاف في الكاف هكذا (سلكـّـم)، فهذا الإدغام فيه إشكال شرعاً أيضاً. نعم؛ يلزم على القارئ خصوص الإدغام الواجب فيما إذا اجتمع حرفان متجانسان من أصل الكلمة، مثل (مدَّ، وردَّ)، فهذا الإدغام من هذا النوع (الواجب في علم التصريف) يُـعتبر وجوبه في (القراءة الصحيحة)، إلا فيما ثبت فيه جواز القراءة بكلا الوجهين، بالإدغام وبدون الإدغام، مثل قوله تعالى {مَنْ يَرْتَدّ منكُم عن دِينِه}، حيث تُـقرأ أيضاً في قراءة أخرى ثابتة هكذا {مَنْ يَرْتَدِد منكُم عن دِينِه}. السید أمين السعيدي 3شعبان1433هـ
|
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا