سر علمي في اسم الهادي(ع) وبعض أروع كراماته
●سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
في هذا اليَوم ولِدَ الإمام العَاشِر مِن الأئِمة عليهم السلام، وهو الإمام عَلّيْ بِنَ مُحَمَد الهادي عَليه السَلام.
نَرفَع أَسمَى آيات التهاني و التبريكات باسمكم واسم كافة أعضاء جماعة أنبياء أولي العزم عليهم السلام لقائِم آل محمد..الإمام المَهدي عَجَلَ الله تَعالى فَرَجَةُ الشَريف..فبوركتم جميعاً
معلومة مهمّة في كنيته لدى علماء الفقه وغيرهم:-
تلقفت أنامل الإمام الجواد ولده علي وسط البهجة والأسارير وابتسامات العلويات الماجدات، ثم ضمه الإمام إلى صدره وقبله … بعد أن عَيّن له اسمه المتعين له من السماء (علي) وكناه بـ (أبي الحسن) تيمناً بجده أمير المؤمنين عليه السلام، ومن أجل التمييز بينه وبين أبا الحسن الرضا وأبا الحسن أمير المؤمنين أضيف له كنية (الثالث) فهو علي الهادي أبو الحسن الثالث.
فإذا قيل في كتب الفقه وما شاكل: أبي الحسن الثالث فيقصد بذلك الإمام الهادي عليه السلام، فهذا مصطلح مهم، لمعرفة المقصود من الأئمة في هذه الكنية.
من أروع كرامات ومعاجز الإمام الهادي (ع) وأخباره بالمغَـيَّـبــات:-
قال صالح بن الحَكَم: كُنتُ واقفيَّاً، ولمّا أخبرني حاجب المتوكل بشأن الإمام علي الهادي (عليه السلام) أخذت أستهزىء به، فخرج الإمام وقد ابتسم في وجهي مِن غير معرفة بَـيني وبينه، وقال لي: يا صالح إن الله تعالى قال بشأن سليمان (عليه السلام): {فَسَخـَّـرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَاب}[1].
وإن نبيّك وأوصياء نبيَّك أكرم على الله تعالى مِن سليمان. فقال صالح: إن قول الإمام (عليه السلام) أزال الضلالة من قلبي وتركتُ الوقفَ(*) منذُ لقائي به (عليه السلام).
وقال الحسين بن محمد: لمّا حَبسَ المتوكل الإمام الهادي (عليه السلام) ودفعه عليُّ ابنُ كركر. فقال الإمام (عليه السلام): أنا أكرم على الله من ناقة صالح {تَمَـتـَّـعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}[2]. فلما كان من يوم غدٍ أَطلقوا سراحه واعتذروا منه ـ أي ابن كركر وجماعته ـ ، وفي اليوم الثالث وَثب على المتوكل جماعةٌ وقتلوه، وأقعَدوا ابنه المنتصِر خليفة مِن بعده[3].
وفي رواية أبي سالم أنَّ المتوكل أمرَ الفتحَ بسبِّهِ، فذَكر الفتحُ ذلك للإمام، فقال: (عليه السلام) له: {تَمَتـَّـعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ}، ولمّا كان اليوم الثالث قُتِلَ المتوكل والفتح بن خاقان معه أيضاً.
وروى محمد بن الحسن الأشتر العلوي، قال: كنت مع الإمام علي الهادي (عليه السلام) على باب المتوكل في جمع من الناس ما بَين طالبي وعباسي وجعفري، فتَحالـَفوا بقولهم: لا نـَتـَرجل لهذا الغلام -يعنون الإمام (ع)-، فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا. ثم أَقـْـبـَـل أبو الحسن الهادي (عليه السلام)، فما أن أبصروه حتى تَرجـَّلوا جميعاً، فقال لهم أبو هاشم: ألستم زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى تَرجّلنا.
وعن إسماعيل بن مهران قال: لما خرج الإمام علي الهادي (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد في المرّة الاُولى قلتُ له: جُعلتُ فداك إني أخاف عليك مِن هذا التوجـُّه -يقصد توجهه للذهاب إلى المدينة-، فإلى من الأمر من بعدك؟ قال: فكرَّ الإمام بوجهه عليَّ ضاحكاً وقال لي: يا إسماعيل! ليس الأمر حيث ظَننتَ في هذه السنة.
ولمّا استدعاه المعتصم صِرتُ لإليه وقلتُ له: جُعلت فداك أنت خارجٌ فإلى مَن هذا الأمرُ من بعدك؟ قال: فبكى الإمام (عليه السلام) حتى اخضلَّت لحيتهُ، وقال لي: عند هذه يُخاف علي، والأمر من بعدي إلى ولدي الحسن العسكري.
وروى القطب الراوندي:
عن جماعة من أهل أصفهان، أنّ رجلاً فيهم يقال له عبد الرحمن، وكان شيعياً، قيل له ما السبب الذي جعلك تقول بإمامة علي الهادي (عليه السلام) دون غيره؟
فقال: شاهدتُ ما أوجَبَ ذلك عليَّ، فقد كنتُ رجلاً فقيراً، وكانت لي جـُـرأة ولسان، فأخرجني أهل أصفهان، فخرجتُ ومعي قوم إلى باب المتوكل نشكو له ظـُـلامتنا. وفوجئنا بأمر منه ـ أي المتوكل ـ بإحضار علي الهادي (عليه السلام)، فقلتُ لبعض مَن حضر: مَن هذا الرجل الذي أمر المتوكل بإحضاره؟
فقيل لي: هذا رجل علوي، تقول الرافضة بإمامته، ومن المحتمل أنَّ المتوكل أحضره للقتل، فقلت: لا أبرحُ مِن مكاني حتى أنظر لهذا العلوي أي رجل هو؟.
قال: فأَقبل الإمام الهادي (عليه السلام) راكباً على فرس، وقام الناس سماطين يمنةً ويسرةً ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبُّه في قلبي، فجـَـعلتُ أدعو له في نفسي بأن يدفع الله شرَّ المتوكل عنه، وأَخذتُ أُكرر في نفسي الدعاء له، فلما صار بإزائي قال لي: قد استجاب الله دُعاءَك، وطوَّل عمرك، وكـَـثـَّـرَ مالَـك وولدك، فارتعدتُ من هيبتهِ ووقعت بين أصحابي، فسألوني ما شأنك؟ فقلت خيراً، ولم أُخبـِـرْ أحداً بما حدث لي.
ثم انصرفنا إلى أصفهان، ففتح الله عليَّ الخير بفضل دعاء الإمام، وأنا اليوم أغلق بابي على مائة ألف ألف درهم سوى مالي الذي خارِج داري، ورُزقتُ من الأولاد عشرة، وأنا أقول بإمامته لِـما شاهدته منه من معاجز واستجابة الدُعاء[4].
وعن علي بن محمد النوفلي قال:
سمعت أبا الحسن الهادي (عليه السلام) يقول: إن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً ، وأعطى الله آصف بن برخيا حرفاً واحداً، فانخرقت له الأرض وجاء بعَرش بلقيس في أقلَّ من طرفة عين. وعندنا ـ نحن آل محمد ـ اثنان وسبعون حرفاً، واستـَـأثـَـر الله بحرفٍ واحدٍ في علم الغيب الذي لم يطلِعْ على علمه أحداً إلاّ مَن ارتضى[5].
_____________
التوضيحات:-
* الوَقــْـف في علم الكلام له معنيان: معنى عام، ويراد به مَن انقطع ولاؤه بالإمامة عند أحد المعصومين الاثني عشر من خلفاء رسول الله (ص) دون أن يأخذ بهم أجمع بحيث التزم بشطر من السّلسلة دون ما عداه منها، وبالتّالي هذا المعنى يشمل أمثال فرقة الإسماعيليَّة والزّيديَّة والكاظميَّة؛ ومعنى خاصّ، ويراد به خصوص مَن وقفوا على إمامة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع)، فهذا المصطلح منحصر في فرقة الكاظميَّة فحسب، لذا تسمَّى بفرقة الواقفيَّة. راجع هامش مـَدْخـَـل مقال [“الرّؤية الشّخصيّة” للإمام المهدي (عج) من حيث علاقتها بـ”الرّؤية العامّة” وأهم عوائد رسوخ الاعتقاد بإمكانها]
المصادر:-
[1] ـ الآية/ 36 من سورة ص.
[2] ـ الآية/ 65 من سورة هود.
[3] ـ ج4 ص 439/ مناقب آل ابي طالب: لمحمد بن علي بن شهراشوب.
[4] ـ ج1 ص 436/ القطرة من مناقب النبي والعترة.
[5] ـ ج 4 ص 437/ مناقب آل أبي طالب.
السيد أمين السعيدي.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا