معرفة الله هى المعرفة الفطرية● السائل:
البعض يقول الفطرة هي كافية من كونها سليمة وطريق داخلي يدل على وجوده سبحانه -لكن معرفة الله أي معرفة هذا الموجود يحتاج لبحث ونظر وتفكر و تأمل و لا يجوز فيه التقليد ..فما تعليقكم على هذا؟ ● رد سماحة السّيد أمين السعيدي حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، عافاكم الله وأصلح أموركم. إن كان مقصودكم من السؤال هو ما فهمتُ فرده: نعم؛ أشرنا في الجواب على السؤال السابق في فطرية المعرفة، وفصلنا بين أصول العقائد والفروع الاعتقادية، وفرَّقنا بين الإثنين، وذكرنا في ضمن ما ذكرنا هناك عدم جواز التقليد في أصول الدين، وجواز -بل لابدية- التقليد في الفروع الاعتقادية لمن ليس لديه اجتهاد في هذه الفروع، وأوضحنا هناك السبب وبيناه بضرب بعض الأمثلة. لكن.. بالنسبة للعبارة المذكورة في سؤالكم هذا؛ فالتأمل والتفكر لا يخالف قدرة الفطرة السليمة الصافية على معرفة الله تعالى والتوصل لوحدانيته، فالفطرة إنما هي حقيقة علمية باطنة وطريق وجداني متصل بالعقل وواضحاته من الأسس والإدراكات. وبعبارة أخرى: بالتأمل والتفكر تمارِس الفطرة دورها في إيصال الإنسان للحقائق المدرَكة بها، وإلا كيف يصل الإنسان لحقيقة فطرية معينة بدون أن يتفكَّر ويتأمَّل قليلاً أو كثيراً؟! لا يمكن، فالإنسان مجبول على التفكير والتّعقّل، ولا يمكن له أن يدرك شيئاً وهو معطـَّـل العقل فاقد لقدرة التّعقّل، فالمجنون مثلاً لديه فطرة، لكنه لا يصل للمعقولات؛ لأنه فاقد للعقل من أساس، فلا تعقّل لديه. نعم بعض الحقائق تحتاج لتأمل عميق، وبعضها يتم التوصل لها بسهولة بلمحة بصر؛ فمثلاً وجود الله تبارك وتعالى؛ فهذه الحقيقة يتم التوصل لها بالفطرة الصافية بلمح البصر من خلال تأمل وتفكر بسيط، ولو من خلال انفطار النفس البشرية على الميل للتعبد إلى إله، فبمجرد التفكر قلياً في كون كل معلول له علة، وكل موجود له موجـــِد، يصل الإنسان إلى أن هذه الموجودات تنتهي لعلة نهائية، وهذه العلة النهائية هي الإله المستحق للعبادة والمسمى في اللغة العربية (الله). فالفطرة تارة تدل بنفسها وتوصل إلى الله ووحدانيته، وتارة تُعِـيْن في الوصول إلى ذلك، كل مورد من المسائل المبحوثة بحسبه، والتأمل والتفكر لا يخالف الفطرية. نسألكم الدعاء. السيد امين السعيدي |
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا