تَفاوُت الاستعداد البشري على خط السعادة والفشل
(اختلاف القوابل) ؛ فالنور مثلاً إذا سلطناه بدرجة واحدة على عدد مختلِف من الزجاجات -ولتكن واحدة بيضاء وواحدة حمراء وأخرى سوداء- فإنَّ الزجاج الأبيض سينعكس من خلاله النور بصورة أشد من انعكاسه في الزجاج الأحمر والأسود , و النور المنبعث من الزجاج الأحمر سيكون أشد من المنبعث من خلال الزجاج الأسود .فهذا التَّكَـثُّر والتعدد والشدة في النور وضعفه، ليس حاصلاً بسبب نفس النور ؛ ذلك لأننا سَـلطنا النور بدرجة ووتيرة واحدة على جميع الزجاجات , فما هو السبب إذن وراء التكثر والتعدد والاختلاف في درجة النور؟�
السبب هو (القوابل) ؛ فالعلة تَكمن في نفس القابل ودرجة استعداده للتَّلَقّي شدةً وضعفاً ، فيضاناً وشَحَّةً. هكذا بالنسبة للتفاوت في قبول (القانون والتشريع) والعمل به والاستفادة منه ، فهو مسلَّط وموجَّه للناس بنحو واحد في تحقيق الكمال والسعادة ، فضعف ذلك وشدته وتفاوت آثاره من شخص لآخر ليس السبب فيه هو نفس (القانون والتشريع) ؛ ذلك لأن التشريع موجَّه بمستوى واحد ووتيرة متساوية في صورة مواد متعاضِدة ومترابطة ؛ إنما السبب يكمن في (نفْس القابل) , وفي نفس الفرد المتفاعل مع النظام ومستوى تَقيُّده بالدستور وتطبيقه له.
فأنت مثلاً قد تَقرأ على شخصين آية معيَّنة من القرآن تتحدث عن (غضب الله تعالى ونار جهنم) ، فتجد أحدهما يبكي بكاءً شديداً أو ترتسم عليها أمارات الحزن والخشوع ، والآخر لا يحصل لديه أي أثر ، وكأنك تقرأ عليه بضع كلمات عابرة ، وهكذا فيما لو وَعظتَ شخصاً وحدَّثتَه بحديث العقل ، وكذا آثار الصلاة مثلاً ، والحـُـب ، والشقاء ، والسعادة ، وهَلُمَّ جَـرَّاً في بقية معترَكات الحياة…
❂ ختاماً:-
إنّ (اختلاف القوابل) من شخص لآخر سببه يعود إلى نفس (“إرادة الفرد” و”عزمه” و”مؤهلاته الذاتية” و”النفسانية”) ، وكذا الأمر بالنسبة لـ(المجتمَع الواحد) ، فدرجة رفعته وعلوه ، أو دنوّه وتسافله ، تَعتمِد على قابلياته الناشئة من مجموعه الكلي الناتج عن أفراده ، فيختلِف المجتمع الواحد عن المجتمع الآخر بفعل نفس مستوى استعداداته الكامنة لديه ضمن أجزائه المكوِّنة له ، وكذا الأمر بالنسبة لـ(الاُمَم).
إذاً بكلمة واحدة: (النتائج والآثار تساوِق القابليات إيجاباً وسلباً ، ونشْأت القابليات مسبَّـبة للإرادة والعزم والمؤهلات الذاتية والنفسانية ، كلُّ تكوينٍ بحسبه).
أمين السعيدي – قم المقدسة
ذو القعدة 1434هـ
• مقتَطَف أعدَّه مسؤول صفحة سماحة السيد أمين السعيدي على الفيسبوك [أبو منصور الحافظ]. وهو عبارة عن مقتبَس من: [حوادث ووقائع من الحوزة] للسيد أمين حفظه الله.
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا