كيف نستعد لليلة القدر والمصير
الاستعداد لهذه الليلة العظمى -التي كان النبي والأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام يسببون لها الأسباب- يكون بعدة سُبُل مع التركيز على مجموعة أمور ذاتية.
أما الأمور؛ فمن أهمها ما يلي:
?الأمر الأول:
كل شخص هو أعرف بنفسه وعاداتها؛ فهو رفيقها ويعلم ما تحب وما تكره وإلى ماذا تميل وما هو برنامجها المعتاد في سائر الأيام.
?الأمر الثاني:
كل شخص أعرَف بظروفه ومهامه ومسؤولياته التي تتعلق به في أيامه الاعتيادية.
?الأمر الثالث:
كل شخص له طريقته في إعداد نفسه والتقرب لربه؛ وكما ورد: الطرائق -الطُّرُق- إلى الله بعدد أنفاس الخلائق؛ أي أن الطريق إلى الله لا ينحصر بطريق واحد؛ فكل إنسان له طريقه الخاص في العلاقة مع ربه والوصول إليه؛ ففلان يستعمل الدعاء للوصول لله، وآخر يستعمل الصلاة، والثالث يستعمل الصدقة وخدمة الناس، والرابع يستعمل طريق التعليم، والخامس يستعمل طريق التفكّر، والسادس طريق قراءة القرآن، والسابع الطواف بالبيت العتيق، والثامن بالتسبيح …؛ فصراط الله الحق واحد لا يتعدد والطريق للتوجه نحو الله والبلوغ إليه متعدد لا حصر له، ولكل إنسان سبيله وشخصيته مع ربه وطريقته التي يعبر بها عن ذلك؛ فهو هذا الذي بعدد أنفاس الخلائق، وكل إنسان أعرف بطريقته. ﴿فَمَنْ كانَ يَرْجُو لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[الكهف: ١١٠].
وأما السُّبُل؛ فمن أفاضل المجرَّبات السُّبُل التالية:
?السبيل الأول:
خذ قسطك من النوم بقدر الكفاية طوال النهار، خصوصاً وقت العصر؛ فإنّ ذلك يخفف حاجتك للنوم ليلاً. ويا حبذا لو تعوّد نفسك على ذلك قبل القدر بليلتين لتعتاد نفسك ويستقيم جسدك ويكن بقوة جيدة في ليلة القدر.
?السبيل الثاني:
تجنَّب كثرة الأكل والشرب عند الإفطار وطوال الليلة، مع الاهتمام بالتغذية الصحية المتوازنة الحارسة عن الأسقام الحاجزة، واصطحاب شيء من الطعام والشراب للتقوي وتجديد الطاقة وتجديد التوجُّه. ولا بأس باستعمال المنبهات المعتادة باعتدال كالشاي والقهوة؛ فهذه أفضل مواردهما لاستعمال ما خلق الله من الطبيعة المحللة في طريق الله والتقرب إليه.
?السبيل الثالث:
اغلق كل الطرق والأسباب والوسائل المضادة التي تعرف بأنها كانت تشغل نفسك وتستغرق أوقاتك في الأيام السابقة؛ كأجهزة الاتصال والتلفاز وغيرها إلا ما تستدعيه الضرورة كجعل طريق واحد للتواصل يكون للحاجات الضرورية، ولا بأس بإخبار المؤمنين والأحبة برغبتك هذه كوضع إشعار أو شعار يفيد هذا المعنى.
?السبيل الرابع:
اجعل لنفسك ولأسرتك جواً خاصاً بكيفية خاصة في هذه الليلة، ولو لبعض الوقت، وابتهل لله بهم، ليراك الله مع زوجتك وأبنائك في حالٍ يحبه. ولا تجهد عيالك بما لا طاقة لهم عليهم، حفّزهم للخير وامرهم وحثهم عليه بالطرق الشيقة وكن مثال قدوة عملية لهم؛ فإن فعلك بعد التوجيه أبلَغ.
?السبيل الخامس:
أدِّ الأعمال حسب مشتهى نفسك؛ فمثلاً اقرأ القرآن وإذا تعبت قم فصلِّ أو اقرأ دعاءً ..، وإذا تعبت من الصلاة فاجلس وتفكَّر أو اقرأ ..، وهكذا. ولا يخفَ عليك أن تجديد الوضوء يكسبك استحداثاً وقوة وروحانية متجددة. وإذا فترت فقم قليلاً أو نَم قليلاً ثم عاود للإحياء. ولا بأس بالصلاة جالساً إذا أتعبتك بعض الصلوات. فأنت حدد أورادك وأفعالك حسب أحوال نفسك وبدنك، فكل حال اجعله مع الله. ولا بأس بمشاركة الجماعة ثم التحول للإحياء منفرداً أو مع من تحب ويشد مِن أزرك؛ ففي هذه الليلة لا مجال للتضييع والتفريط مع أصدقاء السوء والمجاملات ..
واهتم بالمعنى والكيف، لا يشغلك الكَم على حساب الكيف، والكيف والكم أحسن. واعلم أن قضاء حوائج المحتاجين بهذه الليلة أعظم الأمور والتفكر أعظم العبادة وأن الإحياء بمفردك بتوجه وإخلاص أفضل من الإحياء مع الجماعة عن غير توجه ودون إخلاص. وإن كانت نفسك تأبى إعانتك على إحياء الليلة كاملة فاقتصر على التعبد في أول الليل وآخر الليل قريب الفجر قبل صلاة الصبح.
سَلْ من الله دائماً التوفيق للعمل فيها، وابرز له صدقك وإصرارك على ذلك، واستعن عليه بالصدقة بهذه النية، وناجِـه قُل: يا رب أنا أدفع هذه الصدقة وكلي إصرار لأن توفقني لإحياء هذه الليلة العظمى أعظم الليالي وأنت قلت بأنك تتلقى الصدقة بنفسك بيدك، وكرمك أعظم من أن تتلقى صدقتي بيدك وترد غرضي الصادق الطيب وتحجب دعائي عن استجابتك.
أسألكم الدعاء أيها الأحبة
أمين السعيدي
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا