ما أحسن ما قاله الطـّرمّاح في مَسير الحسين عليه السلام إلى كربلاء!
الكثيرون يعلمون بأنه لما اقترب الحسين (ع) من الكوفة ، واجهه الحر بن يزيد الرياحي في كتبة من المقاتِلين كانت بقيادة الحر نفْسه ، ووقع ما وقع من ترشيف الحسين (ع) خيل ومقاتلي ذلك الجيش …
وما هي إلا فترة وجيزة وإذا بمجيء رسالة عبيد الله بن زياد عليه لعائن الأولين والآخرين ، يَأمر الحرَّ فيها أن يَمنع الحسين (ع) من التوجه للكوفة ومن الرجوع إلى الحرَمين ، على أن يَأخذ (ع) طريقاً ثالثاً غيْر هذين ، وأن يُجعجِع بالحسين (ع) وبنات الرسالة ومَن مع تلك القافلة الإلهية ؛ ليدخل في قلوبهم الزكيّة الخوف والهلع.
حينها اصطكـَّتِ الدواب – في قافلة الحسين (ع) – بالدواب ، والمَحامل بالمَحامل ، وأخذ الهودج يلتطم بالآخر ؛ فانذعرتِ النسوة ، وصرخن واستَرجَعن الله ؛ فذهب العباس بن علي (ع) مسرعاً نحو الناقة التي كان عليها هودج زينب (ع) ، يريد تسكين روعها ومُآساتها وتطمينها.
فاَمَر الحسين (ع) الطّرمّاح الذي كان عارفاً بالطريق أن يَسْلك بالقافلة طريقاً آخر غير طريق الكوفة والحرمين ؛ فذهب الطّرمّاح مسرعاً ، وأخذ بزمام الناقة.
كثير منا يعرف هذه الحادثة ، لكن مَن يعلمون سبب وغاية إنشاد الطّرمّاح لتلك الأبيات على وجه الخصوص ، قليلون ؛ حيث اَنْشأَ رحمه الله يَنشد بصوتٍ عالٍ لتَسمع النسوة المذعورات إنشاده ، وتطمئن قلوبهن ، ويَخف روْعُهن ، ويَسكن بُكاؤهن:
【يا ناقتي لا تَذعري مِن زَجري】 ؛ أي (يا ناقة) ونَسَبها بريادةٍ لنفْسه ، حيث قال بضمير المِلكية (يا ناقتي) ولم يقل (يا ناقة) ولا (يا ناقة فلانة أو فلان) ، وأراد بهذا الشطر: يا ناقتي لا تخافي مما فعله جيش الحر ، واهدأي وسيري بانتظام بمَن فوقك.
【وامضي بنا قَبــْـلَ طلوعِ الفجرِ】 ؛ وهذا الشطر من البيت فيه زرعٌ لأملٍ كبير ، والمضي في الطريق الثالث على أنه رسالة للنسوة بأنه انتهت لحظة الخوف ، وزالت المصيبة ولو في الحين ..
【يا مالكاً نفعي معاً والضــُّـري * اَيــِّد حسيناً سيدِي بالنــَّـصرِ】 ؛ وفي هذا البيت أملٌ بالله ، ورسالة عدم يأس وقنوط ، وأن الله مطّلع على الأمور كافة ، فهو يَمْلك النفع والضر ، وقادرٌ على نصر الحسين (ع).
أضف إليه أنه من المجرَّب المعروف: سُكون الناقة بالحذي ، الذي هو إنشاد يحرِّك النياق وبه يستقيم سيرُها.
أمين السعيدي
5محرم الحرام1435هـ – قم المقدسة
✔ ✔
• • • •
إعداد [أبو منصور الحافظ] مسؤول صفحة سماحته.
✔ الرابط المباشر ✈ للصفحة الجديدة لسماحة السيد:
https://www.facebook.com/pages/صفحة-سماحة-السيد-أمين-السعيدي-الحجازي-حفظه-الله/505894259492624?ref=hl
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا