من خصائص الرسول الأعظم محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم[2]:
قال عن نفسه الزكية الزاكية: «أَنا أوَّلُ من تَـنشقُّ عنهُ الأرضُ يومَ القيامةِ ولا فَخرَ».
هذا الحديث ، وإن وَرد عن بعض الضِّعاف ، كذا وإن ورد في بعض نقولاته إضافات وتحريف ، إلا أنّه في حدود هذا اللفظ سليم ، يتوافق مع القرآن الكريم وعظيم منزلته صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث قال تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَـثَـكَ رَبُّـكَ مَقاماً مَحْمُوداً)[الإسراء: 79] … ، كما تؤيده الأخبار الناصة على أنّه صلوات الله وسلامه عليه وآله سيد وِلد آدم عليه الصلاة والسلام ، وسائق الخلق ..
ومع أنّه صلوات الأولين والآخرين عليه وآله الطاهرين أول من تنشق عنه الأرض ، تكريماً وتعظيماً إلهياً له ، إلا أنّه صلى الله عليه وآله نفى عن نفسه الفخر والتفاخر ، وإنّما حَـدَّثَ الناس بنعمة الله تعالى نزولاً على قوله سبحانه:(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[الضحى: 11].
ولا تَحسبنَّ هذه الكرامة قليلة المقدار ، محدودة الأطوار ، كيف؟! وهي فيها من المنزلة والتقدُّم على كافة النبيين والبشرية جمعاء ، في يومٍ لا قدر فيه عند الله سبحانه إلا للعمل ؛ أما ترى كيف أنَّ التكريم صادرٌ من المَلِك سبحانه (مَلِكِ يومِ الدِّين)؟! فالصادر من المَليك الحقيقي في ذلك العالَم المَهول ، إذا كان تكريماً من هذا النحو ؛ فهو نبأ عن عظيم المنزلة ، والسَّـبْـق والشرف ، وجلالة القدر ، وتمامية الكمال ، إلا أنه بأبي هو وأمي يَترفَّع عن الفخر والتفاخر ؛
وإنَّ في ذلك لعبرة لمن لديه شيءٌ من اللُّب ، الذي ما أن تتحصل فيه منقبة صغيرة أو كبيرة ، حتى لو كانت من الدنيا وأهلها لا من الله تعالى ، إلا راح يفاخِر بها بعلة وبلا علة ، ويتعالى بها على المخلوقين وكأنه لم تلدهم أمهاتهم أحرارا ، إلا هو ، يدوس بها الرقاب ، ويذل بها العِباد ، لا يوقِّرُ عالماً ، ولا يرحم جاهلاً ، يـقِــيمُ الفِـتَن والأهواء ، يُـحْدِث بها الضوضاءَ والغوغاء ،لا يَـعــْرِفُ طريق الحق فيــَــتــَّبــِـعَـه ، ولا طريقَ الباطل فيــَصُـدَّ عنه.
ولربما وجدتَه يتفاخر بسيارةٍ فارهة ، أو ثوبٍ جميل ، أو بنعله الجديد ، أو ببضع مناصب زائفة ، يقيمه عليها السفهاء وينزعونه منها بسفههم متى شاؤوا ، وقد تجده يتفاخر بما حفظه من روايتين أو مصطلحين قرأهما أو سمعهما من هنا أو هناك ، في الطب أو الفقه ، أو غيْرِهما ، وربما كان ما عرفه ليس بصواب ، أو لم يَفقه ما يحمله ، فمَثلُه كمَثلِ الحمارِ يَحملُ أسفارا ، ومَثلُه كمثل الكلبِ إن تَحمل عليه يَلْهَث وإن تتركه يَلهث ، وقد ورد في الخبر(اعقلوا الخبر عقل رعاية لا عقل رواية) ، وفي خطبة الوسيلة: (ليس بحكيمٍ مَن رَضيَ بثناءِ الجاهلِ عليه).
نسأل الله الوعاية والفهم والتحلي بأخلاق نبينا العظيم عليه وآله الطاهرين وعلى صحبه المنتجبين الصلاة والسلام.
أمين السعيدي 15 ربيع الأول 1435هـ
قم المقدسة
♦الرابط المباشر لصفحة سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله:
.
جواهر
ج 16 ربیعالاول 1435ﻫ 17-1-2014م در ساعت 9:42 ب.ظالسلام
لو يحق لي الرأي فودي تسمونها (عذب الكلام) لانه صج عذب الكلام
حقائق ، وقمة ، ومكارم ، وعدل رباني ، وجمال في التعبير ، ودقة مجتمعة مع الوضوح.
نتمنى النشر لهذه الكلمات بصورة اوسع ليستفيد منها اكبر عدد ممكن
شكراً لكم
جواهر