مِـحَـنٌ وفجائع في حادثة فدك وإرث فاطمة عليها السلام
صَلِّ الَّلهُمَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
أيا زهراء جئنـــــــاك ندوس الهم والجمـره
و في أحشائنا نارٌ هي الآلام والحســـــره
و ندعوا الله بالضلع وحق الكسر والعصــره
فأنا أعيش في بحــــــــر دموعكِ يا زهـراء
في ظل هذه المناسبة الحزينة الأليمة -ذكرى استشهاد سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام- نسلط الضوء على جنبة من جوانب حياتها الأليمة ومآسيها الجسيمة،
وهي:حادثة فدك وإرث فاطمة عليها السلام للصديقة الزهراء عليها السلام كما ورد في كتاب الكافي الذي هو من أوثق الكتب، وكذا في غيره، حيث جاء:
فبعد فتح خيبر سنة سبع للهجرة قبل رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزهد أربع سنوات نزل جبرئيلُ بأمر فتح فدك بيد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، فذهبا إليها ليلاً ومعهما أسلحتهما، وأمر رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أميرَ المؤمنين عليه السلام أن يعتلي كتفه، فنهض رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ورفع أمير المؤمنين عليه السلام معه، وصعد مولى الموحدين عليه السلام بمعجزة إلهية جدار القلعة وسيفُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده، ورفع صوته المبارك بالأذان.وظن يهودُ فدك أن المسلمين هجموا عليهم وقد اعتلوا جدار القلعة، فأرادوا الفرار منها لكنهم رأوا الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلم قبالة الباب في وقت نزل فيه أمير المؤمنين عليه السلام بسيف الرسول صلى الله عليه وآله، واشتبك معهم وقتل ثمانية عشر من كبارهم، واستسلم الباقون.فأسّروا عليهما السلام النساءَ والأطفال، وغنما أموالهم، وأُعلن أنّ من أسلم منهم يؤخذ خُمس ماله، ومن بقي على دينه يؤخذ ماله كله، وبهذا فُتحت قلعة فدك دون أدنى أثرٍ لعامّة المسلمين”[1].
وبعد هذه الحادثة نزل جبرئيلُ عليه السلام بالآية المباركة: {وآت ذا القربى حقه}[2]، فسأله رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من ذو القربى؟ وما حقهم؟ فقال له عن الله تبارك وتعالى: أعطِ فاطمة فدكاً.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للزهراء عليها السلام: يا بنية! إن الله قد أفاء على أبيك بفدك واختصه بها، فهي له خاصة دون المسلمين، أفعل بها ما أشاء، وإنه قد كان لأمك خديجة عليها السلام على أبيك مهر، وإن أباك قد جعلها لك بذلك، وامنحكِ إياها تكون لك ولولدكِ بعدك.فقالت عليها السلام: لستُ أُحدثُ فيها حدثاً وأنتَ حي، أنت أولى بي من نفسي ومالي لك.فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أكره أن يجعلوها عليك سبة فيمنعونك إياها من بعدي.فقالت عليها السلام: قد قبلتُ يا رسول الله من الله ومنك، أَنفذْ فيها أمرك.فدعا بأديم ودعا أميرَ المؤمنين عليه السلام، وقال له: اكتبْ لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.وشهد على ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام ومولى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأم أيمن، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمّ أيمن إمرأة من أهل الجنة.فلم يزل وكلاؤها عليها السلام فيها حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم))[3].
وهكذا كان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يوزع حاصل فدك على الفقراء كونه وكيل الزهراء عليها السلام على تلك الأرض، فقد ورد في الكتب الموثوقة عن هذا الشأن(فجمع صلى الله عليه وآله وسلم الناسَ إلى منزلها عليها السلام وأَخبرهم أن هذا المال لفاطمة عليها السلام، ففرقه فيهم بعنوان عطية من فاطمة عليها السلام، كتبوا أن حاصلها كان من سبعين ألف سكة ذهباً إلى عشرين ومائة ألف سكة سنوياً، وكانت عيون كثير من المحتاجين تنتظر حاصل فدك كل سنة.وبعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أَخرَجَ مأموروا أبي بكر عاملَ الزهراء عليها السلام من فدك، وضموها وحاصلها إلى أموال حكومتهم الغاصبة.وعرضت الزهراءُ عليها السلام على أبي بكر تلك الوثيقة التي أملاها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكتبها أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، لكنه لم يقبل الوثيقة ولا الشاهدِين عليها.وبعد 15 يوماً على رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاءت فاطمةُ عليها السلام وجمْع من الهاشميات إلى المسجد، وخطبت خطبة بليغة فصيحة زاخرة بالحقائق الإسلامية والدقائق الشرعية.وكتب لها أبو بكر كتاباً يدل على إعادة فدك إليها، وفي عودتها إلى المنزل لقيها عمر، فأخذ الكتاب منها وبصق فيه ومزقه وتجاسر عليها (عليها السلام) …!))[4]
وقد روى الشيخ المفيد فطحل العلماء في كتابه الاختصاص بسنده إلى عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال(لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس أبو بكر مجلسه، بعث إلى وكيل فاطمة صلوات الله عليها، فأخرجه من فدك -إلى أن قال عليه السلام بعد أن استعرض مخاصمة فاطمة عليها السلام لأبي بكر في فدك وأنها استنزعت كتاباً بردّ فدك منه- :فخرجَتْ والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: يا بنت محمد! ما هذا الكتاب الذي معك؟ فقالت: كتاب كتبَ لي أبو بكر بردّ فدك، فقال: هلميّه إليّ، فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله -وكانت عليها السلام حاملة بابن اسمه: المحسن- فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني به أخذ الكتاب فخرقه. فمضتْ ومكثتْ خمسة وسبعين يوماً مريضة من ضربة عمر ثم قـُبـِـضَـتْ!))[5]
وسند الشيخ المفيد رحمه الله إلى عبدالله بن سنان صحيح؛ كما ذكر ذلك تلميذه الشيخ الطوسي في التهذيب والفهرست.
فالسلام عليك يا سيدتي يا فاطمة، السلام عليك يا بنت يا خاتم الأنبياء والمرسلين.بقلوب منفجعة نعيش في هذه الأيام ذكرى استشهاد سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، ونتقدم بأحر التعازي بهذه المناسبة الحزينة إلى صاحب المصيبة إمام زماننا الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف، وإلى مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة المعصومين لا سيما علي بن أبي طالب زوج البتول وبعلها صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وإلى مراجعنا العظام وكافة الشيعة الموالين في مشارق الأرض ومغاربها.((يا موالين! مأجورين جميعاً .. عظم الله لكم الأجر والعزاء))
——————————————
الهوامش:-
1- راجع الكافي: ج1/ ص543
2- سورة الاسراء
3- راجع قصص الأنبياء345؛ ومناقب آل أبي طالب1/122؛ والكافي1/543؛ وبحار الأنوار29/118،115،110و48/
15،14،13،12،9،8،7،6؛ والطبرسي في الاحتجاج صـ121.
4- أحاديث أهل البيت”ع”، الشيخ هادي النجفي ج8صـ419
5- الاختصاص للمفيد
عضو جماعة أنبياء أولي العزم (ع):
يا صاحب الزمان
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا