حکم صلاة الآيات اداً وقضاً
● السائل:
بَـيِّن أحكام صلاة الآيات من حيث وجوبها وعدمه. وهل يجب قضاء صلاة الآيات عند فواتها على المكلَّف؟
كما نرجو رفع اللبس الحاصل لدى الكثير من قبيل دعوى عدم الشعور بالزلزال أو عدم الخوف من الخسوف للعِلم بعلته وما شابه ذلك .
نأمل البيان بشكل ميسَر .
•رد سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل الطاهرين وصحبه الأنجبين . غفر الله لنا ولكم.
الفقهاء يوجـِبون قضاء ذلك على المكلف بإضافة الـ(غُسل) وفق التفصيل التالي: وقبل التفصيل نشير إلى قاعدتين مهمتين في المقام ؛ هما:
القاعدة الأولى:-
إن الفقهاء كثيراً ما يعبرون عن الخسوف والكسوف في رسائلهم العملية بـ(الكسوف)، حيث يطلقون هذا اللفظ (الكسوف)، لكنهم يريدون به -في كثير من العبارات- الخسوف والكسوف معاً، لا الكسوف وحده.
فلا يَشتبه الأمر على القارئ للرسالة العملية. علماً أن الفقهاء إنما يطلقون كلمة (الكسوف) ويريدون بها في كثير من المواضع كل من الخسوف والكسوف معاً ذلك تبعاً للروايات الدِّينية، حيث استَعمَلت تعبير الكسوف بدل الخسوف والكسوف لاعتبارات معينة ليس محلها هنا.
هذا والخسوف خاص بالقمر ، والكسوف خاص بالشمس ، وهما على قسمين: جزئي وكلي كما سنوضح قريباً.
القاعدة الثانية:-
يجب أن يفرِّق القارئ بين ثلاثِ آياتٍ كونية ؛ هي:
[أ]. (“الخسوف” و”الكسوف”).
[ب]. (الزلزلة).
[ج]. (الآفات السماوية أو الأرضية الأخرى ، وهذا يشمل كل ما ليس بخسوفٍ ولا كسوفٍ ولا زلزلة ، ومثال ذلك: الريح الحمراء والصفراء وما شاكل مما سنذكر).
وعليه ؛ إن لكل واحدة من هذه الثلاث 1- (الخسوف/ الكسوف) 2- و(الزلزلة) 3- والآيات الأخرى ، لكل واحدة من هذه الثلاث أحكامٌ فقهية خاصة ؛ فالتَفِت.
إذا اتضح هذا نقول:
أولاً:-
يجب أن نعلم ما هي مدة وقت أداء الصلاة ومتى تكون قضاءاً ؛ فصلاة الآيات تبدأ من حين شروع الآية في الوقوع إلى حين تنتهي بشكل كامل ؛
أي لا يجب وقوع الخسوف مثلاً بشكل كامل لتبدأ ، وإنما بمجرد شروعه في التحقق ، وكذا لا يجب انجلاء جزء من الخسوف في منتهاه لتصير الصلاة قضاءاً ، كلا ؛
فالآية بمجرد شروعها في التحقق يكون هذا أول وقت الصلاة ، وعند انتهائها بشكل كامل فمن هنا يبدأ وقت قضائها.
ثانياً:-
يجب قضاء صلاة الآيات في آيتَي (الخسوف “للقمر”) و(الكسوف
“للشمس”) فقط ؛ أما الزلزلة وغيرها من الآيات الأخرى فلا يجب فيها قضاء صلاة الآيات ؛ أي لو فاتت الصلاة على المكلَّف بعمد أو سهو ونسيان أو عدم علم بها ، فهنا لا يجب عليه القضاء.
نعم ؛ يستحب له قضاء ذلك في غير الخسوف والكسوف إذا فاتته الصلاة بسبب النسيان والسهو عن أدائها أو العمد والتقصير في الإتيان بها.
وهناك جملة من الفقهاء يوجبون قضاء الصلاة حتى في غير الخسوف والكسوف عندما تفوته الصلاة أداءً ؛
لكن البعض الآخر منهم رفع الله شأنهم كالسيد السيستاني وغيره فإنهم لا يوجبون القضاء على من فاتته الصلاة إلا في الخسوف والكسوف وفق التفصيل الآتي في (ثالثاً) ، غاية الأمر أن القضاء عندهم في غير الخسوف والكسوف مستحبٌ.
ثالثاً:-
وجوب قضاء صلاة الآيات له حالتان رئيسيتان هما:
1- الحالة الأولى:
يجب على من فاتته الصلاة عندما يكون الكسوف أو الخسوف كلياً؛
بمعنى أن غياب جزء من القمر أو احتراق جزء من الشمس لا يكفي لوجوب القضاء على من فاتته الصلاة ؛ بخلاف ما لو كان غاب كلُ قرصِ القمر أو احترق كلُ قرصِ الشمس ؛ فهنا يجب القضاء على من فاتته الصلاة.
ففي هذه الحالة -إذا كان الخسوف أو الكسوف كلياً- يجب القضاء مطلقاً ؛ أي سواء كان المكلف عالماً بوقوع الآية في أثناء تحققها أم علم بها بعد انتهائها كما لو كان نائماً أو لم يشعر بذلك مثلاً،
وكذا يجب القضاء في هذه الحالة سواء كان مقصِّراً وعامداً في ترك الصلاة أم لم يكن مقصِّراً وعامداً في تركها كما لو نسي أو غفل وسهى عن أدائها في وقتها.
لكن العامد هنا في الخسوف أو الكسوف الكلي يجب عليه الاغتسال -على الأحوط وجوباً- كما يذهب إليه جملة من الفقهاء أعلى الله مراتبهم كالسيد السيستاني وغيره،
بخلاف من جاء بالصلاة أداءً أو قضاها وكان الخسوف أو الكسوف جزئياً لا كلياً ، فهذا لا يجب عليه الغسل للصلاة كما سنبين في الحالة التالية (الجزئي).
2- الحالة الثانية:
يجب قضاء صلاة الآيات على من فاتته الصلاة من المكلفين عندما يكون الكسوف أو الخسوف جزئياً ، لكن لا مطلقاً كالحالة الأولى ، وإنما فقط يجب القضاء هنا في الجزئي على من كان عالماً بالخسوف أو الكسوف لكنه لم يأتِ بالصلاة عن عمد أو نسيان وسهو. أما من لم يكن عالماً بوقوع الكسوف أو الخسوف الجزئي إلى أن انتهى ذلك تماماً كما يَحصل لدى النائم والغافل ؛ فهنا في الجزئي لا يجب عليه القضاء.
وكذا لا يجب في الجزئي أن يغتسل حتى لو كان عامداً في تأخير الصلاة إلى أن صارت قضاءً ؛ غاية الأمر أنه يأثم ويجب عليه القضاء كما ذكرنا ، بخلاف الكلي حيث ذكرنا بأنه يجب الغسل والقضاء معاً على العامد المقصِّر.
وفق ما سبق نضيء على المسائل المهمة التالية:
* مسألة:
من صلى للخسوف أو الكسوف صلاة فاسدة فهل يجب عليه القضاء إذا علم بفسادها بعد انجلاء الآية؟
ج/: نعم ؛ يجب عليه القضاء ، سواء كان الخسوف أو الكسوف كلياً أم لا.
** مسألة:
الزلزلة تعتبر كبقية الآيات أم كالخسوف والكسوف؟
ج/: الزلزلة بالخصوص تعتبر كالخسوف والكسوف في الحكم ، بخلاف الآيات الأخرى كالريح الصفراء والسوداء والصاعقة والظلمة والصيحة والنار التي تظهر في السماء … ، فهذه الآيات كما ذكرنا في البداية يستحب لها الصلاة ؛ أما الخسوف والكسوف الكلي والجزئي فتجب الصلاة لهما ، وكذا الزلزلة مثلهما.
*** مسألة:
نتعامل مع الزلزلة من حيث الأداء والقضاء كالخسوف والكسوف الكلي أم الجزئي؟
ج/: صلاة الآيات للزلزلة لا وقت محدد لها إلا بنحو العرف، فهي من الآيات التي لم تحدد الشريعة وقتاً دقيقاً خاصاً بها كالخسوف والكسوف، غاية الأمر أن وقت صلاة الآيات للزلزلة يشرع من حين وقوع الزلزلة ويبقى مفتوحاً بالمقدار الذي يَصـْدق عليه عرفاً بأنه لازال الوقت متصلاً بالآية.
فإذا فات الوقت المتصل عرفاً بالآية فإنه -وفق فتوى جملة من الفقهاء- لا تجب الصلاة للزلزلة؛ وإنما تستحب ما دام الإنسان حياً، فلا يجب فيها الغسل وغيره مما ذكرنا من تفاصيل وإن كانت الصلاة واجبة أداءً للزلزلة،نعم ؛ هنالك من الفقهاء من يوجب الإتيان بصلاة الآيات للزلزلة حتى لو مضى الوقت المتصل عرفاً بهذه الآية؛ لذا فليرجع كل مكلَّف لم يقلِّد في هذه المسألة.
فتفاصيل القضاء والغسل خاصة بالخسوف والكسوف، لكن هذا لا يعني تأخير صلاة الآيات كثيراً عند حصول الزلزلة بحيث يَنطبق عليه عنوان التهاون والاستهتار ؛ فما أشد خطر هذه الكارثة وبلائها ؛ علماً أن من يَدع صلاة الزلزلة إلى أن تفوت عن وقت الأداء يكون مأثوماً وإن لم يجب فيها القضاء ؛ ذلك لأن صلاة الآيات للزلزلة -كما ذكرنا- واجبة أداءً.
إذن الخلاصة:
الكسوف والخسوف تجب فيهما صلاة الآيات أداءً وقضاءً للكلي والجزئي حسبما فصلنا.
والزلزلة تجب فيها صلاة الآيات أداءً وتستحب قضاءً لا أنها تجب قضاءً ، إلا على رأي بعض الفقهاء حيث أوجبها قضاءً على على من فاتته.
والآيات المَخوف الآخرى كالريح والصيحة فصلاة الآيات لها مستحبة أداءً وقضاءً.
والكسوف والخسوف لهما وقت محدد في الشريعة من بدايتهما إلى نهايتهما في فترة أدائهما ، بخلاف الزلزلة فوقت أدائها عرفي يحدده العرف على أساس الوقت الذي ينطبق عليه بأنه لازال متصلاً بالآية ، فيكون وقت أدائها.
**** مسألة:
هل يعتبر حصول الخوف عند المكلف حال وقوع الخسوف أو الكسوف أو الزلزلة؟
ج/: كلا ؛ لا عبرة للخوف في هذه الثلاث.
السيد أمين السعيدي-القطيف
16جمادى الثاني 1434هـ
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا