هل تعرف شيئاً عن وفاة السيّدة فاطمة بنت أسد (ع)؟
●سماحة السيد أمين السعيدي حفظه الله.
“السلام عليك يا كافلة محمَّد خاتم النّبيّين، السلام عليك يا والدة عليٍّ سيد الوصيّين ورحمةُ الله وبركاته”
هل تعرف شيئاً عن وفاة السيّدة فاطمة بنت أسد (ع)؟
عن عبد الله بن عباس قال: أقبل عليٌّ بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باكياً وهو يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون! فقال لـه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مه يا علي. فقال علي: يا رسول الله ماتت اُمّي فاطمة بنت أسد.
قال: فبكى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: رحم الله اُمّك يا علي، أما إنّها كانت لك اُمّاً فقد كانت لي اُمّاً، خذ عمامتي هذه وخذ ثوبَيَّ هذين فكفّنها فيهما، ومر النساء فليحسن غسلها، ولا تخرجها حتى أجيء فإليّ أمرها.
قال: وأقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ساعة واُخرجت فاطمة أُمّ علي (عليه السلام) فصلّى عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة لم يصلّ على أحد قبلها مثل تلك الصلاة، ثم كبّر عليها أربعين تكبيرة، ثم دخل إلى القبر فتمدّد فيه، فلم يُسمع لـه أنين ولا حركة.
ثم قال: يا علي اُدخل، يا حسن اُدخل، فدخلا القبر، فلمّا فرغ ممّا احتاج إليه قال لـه: يا علي اُخرج يا حسن اُخرج، فخرجا، ثم زحف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى صار عند رأسها ثم قال: يا فاطمة! أنا محمد سيد ولد آدم ولا فخر، فإن أتاك منكر ونكير فسألاك من ربّك فقولي الله ربّي ومحمد نبيّي والإسلام ديني والقرآن كتابي وابنِي إمامي ووليّي.
ثم قال: اللهم ثبّت فاطمة بالقول الثابت. ثم خرج من قبرها وحثا عليها حثيّات، ثم ضرب بيده اليمنى على اليهسرى فنفضهما ثم قال: والذي نفس محمد بيده لقد سمعَتْ فاطمة تصفيق يميني على شمالي. فقام إليه عمّار بن ياسر فقال: فداك أبي واُمّي يا رسول الله لقد صلّيت عليها صلاة لم تصلّ على أحد قبلها مثل تلك الصلاة.
فقال: يا أبا اليقظان وأهل ذلك هي منّي؟ لقد كان لها من أبي طالب (عليه السلام) ولد كثير، ولقد كان خيرهم كثيراً، وكان خيرنا قليلاً، فكانت تشبعني وتجيعهم، وتكسوني وتعريهم، وتدهنني وتشعثهم.
قال: فلِمَ كبّرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول الله؟
قال: نعم يا عمّار التفتُّ عن يميني فنَظرتُ إلى أربعين صفّاً من الملائكة فكبّرت لكل صف تكبيرة.
قال: فتمدُّدك في القبر ولم يُسمع لك أنين ولا حركة؟
قال: إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة ولم أزل أطلب إلى ربّي عزّوجلّ أن يبعثها ستيرة، والذي نفس محمد بيده ما خرجتُ من قبرها حتى رأيت مصباحين من نور عند رأسها، ومصباحين من نور عند يديها، ومصباحين من نور عند رجليها، وملكيها الموكّلين بقبرها يستغفران لها إلى أن تقوم الساعة.
وفي بعض الروايات أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كبر على جنازتها سبعين تكبيرة ممّا يدلّ على عظمتها، ففي الحديث أنّه لمّا حانت وفاة السيّدة فاطمة بنت أسد صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليها وكبّر سبعين تكبيرة ثم لحّدها في قبرها بيده الكريمة، إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): وأمّا تكبيري سبعين تكبيرة فإنّما صلّى عليها سبعون صفّاً من الملائكة.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت أول امرأة هاجرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة إلى المدينة على قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسَمعَتْ رسول ا لله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول: إنّ الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا، فقالت: وا سوأتاه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فإنّي أسأل الله أن يبعثك كاسية.
وسَمعَتْه يذكر ضغطة القبر، فقالت: وا ضعفاه، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فإنّي أسأل الله أن يكفيك ذلك.
وقالت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً: إنّي اُريد أن أعتق جاريتي هذه، فقال لها: إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضواً منك من النار، فلمّا مرضت أوصت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمرت أن يعتق خادمها، واعتقل لسانها، فجعلت تومي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إيماءً، فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصيّتها.
فبينما هو (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يبكي، فقال لـه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما يبكيك؟
فقال: ماتت اُمّي فاطمة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): واُمّي والله، وقام مسرعاً حتى دخل فنظر إليها وبكى ….
فلمّا فرغن -النّساء- من غسلها وكفنها دخل (صلى الله عليه وآله وسلم) فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها، ثم وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه.
ثم قال -الإمام أبي عبد الله عليه السلام-: فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر، ثم انكبّ عليها طويلاً يناجيها ويقول لها: ابنك ابنك (ابنك)، ثم خرج وسوّى عليها، ثم انكبّ على قبرها، فسمعوه يقول: لا إله إلاّ الله اللهمّ إنّي أستودعها إيّاك، ثم انصرف.
فقال لـه المسلمون: إنّا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم؟ فقال: اليوم فقدت برّ أبي طالب، إن كانت ليكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها وولدها، وإنّي ذكرت القيامة وأنّ الناس يحشرون عراة، فقالت: وا سوأتاه، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية، وذكرت ضغطة القبر، فقالت: وا ضعفاه، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك فكفّنتها بقميصي، واضطجعت في قبرها لذلك وانكببت عليها فلقّنتها ما تُسأل عنه، فإنّها سُئلت عن ربّها فقالت، وسُئلت عن رسولها فأجابت، وسُئلت عن وليّها وإمامها فارتجّ عليها، فقلت: ابنك ابنك (ابنك).
باب للحوائج إلى الله:
وقد أصبحت السيّدة فاطمة بنت أسد (عليها السلام) لمقامها الرفيع وإخلاصها الشديد من أولياء الله الذين يُتوسّل بهم في قضاء الحوائج المستعصية، والمؤيّدات على ذلك كثيرة، إلاّ أنّنا نقتصر على ما يلي:
عن داود الرقّي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ولي على رجل مال قد خفت تواه، فشكوت إليه ذلك، فقال لي: إذا صرتَ بمكّة فطف عن عبد المطّلب طوافاً وصلّ ركعتين عنه، وطف عن أبي طالب طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله -يقصد والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم- طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن آمنة طوافاً وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلّ عنها ركعتين، ثم اُدع أن يُردّ عليك مالك، قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا وإذاغريمي واقف يقول: يا داود حبستني تعال اقبض مالك!
عضو الجماعة: (ياصاحب الزمان)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
بحار الأنوار: ج35 ص70 ح4.
مستدرك الوسائل: ج2 ص266 ب6 ح1929.
الكافي: ج1 ص453 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ح2.
الكافي: ج4 ص544 باب النوادر ح21.
عظم الله لكم الأجر – تقبّلوا عزاء جماعة أنبياء أولي العزم (ع)
السید امین السعیدی
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا