وقفات مع أقوال الإمام علي (ع)
بقلم الفاضلة العضوة:【مسار علي】
مراجعة وإضافات سماحة: السيد أمين السعيدي
[سلوني قبل أن تفقدوني]
متى قالها (عليه السلام)؟
وهل قالها غيره؟! ماذا حصل لمن قالها؟
قلت: وإنما يكون هذا القول وقد انتهى إليه الأمر، وتعَيّن الفتوى عليه، وانقرضت الفقهاء من الصحابة سواه، وحصل في جمع أكثرهم عامة، ولولا ذاك ما بلي بما بلي به، ألا ترى أنه لم يقل هذا في عهد أبي بكر، ولا في عهد عمر؟؛ لأنه قد كان في ذلك الوقت الجماعة يكفون أمر الفتوى [الحافظ الفقيه الخطيب البغدادي في كتابه الفقيه والمتفقه ص٧١٠].
هذه المقولة من اختصاص أمير المؤمنين وسيد الغر المحجلين (عليه السلام)، لم يقلها أحدٌ غيره لا قبله ولا بعده إلا وقد خاب، نعم وقد خاب من افترى.
بعض المواقف مع هذه المقوله:
روى أحمد بن حنبل في مستنده عن سعيد بن المسيب، قال: ما كان في أصحاب النبي(ص) أحد يقول: سلوني قبل أن تفقدوني غير علي بن أبي طالب.
قال علي (عليه السلام) : “سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضّل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها وسائقها”. فقام إليه رجل فقال: أخبرْني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شَعر؟
فقال له علي (عليه السلام) : “والله لقد حدثني خليلي إن كل طاقة من رأسك مَلَكاً يلعنك، وإن على كل طاقة من لحيتك شيطاناً يغويك، وإن في بيتك سخلاً يـَقتل ابن رسول الله(ص)”. وكان ابنه قاتل الحسين (عليه السلام) يومئذ يـَحْبو وهو سِنان بن أَنس النَّخَعي.
ﺭﻭﻱﻋﻦ ﻋﻠﻲ (عليه السلام) ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺇﺫ ﻗﺎﻝ: “ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ! ﺳﻠﻮﻧﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﻘﺪﻭﻧﻲ، ﺳﻠﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﻃُﺮُﻕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻓﺈﻧﻲ ﺃَﻋْﺮَﻑ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻃُﺮُﻕ ﺍﻷﺭﺽ”. ﻓﻘﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻘﻮﻡ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ:
ﺃﻳﻦﺟﺒﺮﺍﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ؟
ﻓﺮَﻣﻖَ ﺑِﻄَﺮْﻓِﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﺛﻢ ﺭَﻣﻖ ﺑﻄﺮﻓﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﺛﻢ ﺭَﻣﻖ ﺑﻄﺮﻓﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ، ﺛﻢﺭَﻣﻖ ﺑﻄﺮﻓﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻓﻠﻢ يُخَلِّ ﻣﻮﺿﻌﺎً، ﻓﺎﻟﺘَﻔَﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: “ﻳﺎ ﺫﺍﺍﻟﺸﻴﺦ! ﺃﻧﺖ ﺟﺒﺮﺍﺋﻴل”.
ﻗﺎﻝ: ﻓﺼﻔﻖ ﻃﺎﺋﺮﺍً ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻀَﺞَّ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻭﻥ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻧﺸﻬﺪ ﺃﻧﻚ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺭﺳﻮﻝﺍﻟﻠﻪ ﺣﻘﺎً ﺣﻘﺎً.
قال ابن أبي الحديد في قوله: “إني أخاف أن تَكْفروا في برسول الله(ص)”؛ أي أخاف عليكم الغلو في أمري وأن تفضلوني على رسول الله(ص).
وقوله (عليه السلام) وهو على منبر الكوفة وعليه مدرّعة رسول الله(ص) وهو متقلِّد بسيفه ومتعمم بعمامته(ص)، فجلس على المنبر، فقال:
“سلوني قبل أن تفقدوني، فإنما بين الجوانح عِلم جم، هذا سفط العلم، وهذا لعاب رسول الله(ص) هذا ما زَقَّني رسول الله(ص) زقا، فاسألوني فإن عندي علم الأولين والآخرين، أما والله لو ثُنيَتْ لي الوسادة ثم أُجلِسْتُ عليها لَحَكمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى ينادي كل كتاب بإن علياً حَكم فيَّ بحكم الله”.
وفي رواية: “حتى ينطق الله التوراة والإنجيل”، ثم قال:
“سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي خَلَق الحَبة وبَرَا النسمة، لو سألتموني عن آيةٍ آية، في ليلةٍ أُنزلَتْ أو في نهاراً نزلَتْ، مكيها ومدنيها، وسَفريها وحَضريها، وناسِخها ومنسوخها، ومحْكَمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها لأَخبرتكم”.
قالها الإمام (عليه السلام) لأنه عنده ألف باب من العلم، ويُفتح له من كل باب ألف باب.
ولأن عِلمه عِلم لَدُنِّي؛ وهو العلم الذي اختَص به الله تعالى نبيه وأهل بيته (عليهم السلام).
ماقتلوك يا علي، إنما قَتلوا الإيمان وكلمة الله، وأَحيوا النفاق والشِّقاق!
عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد إمام المتقين شريك القرآن إمام الإنس والجان وعَلم الزمان أمير الأنام الصريع في شهر الصيام (عليه الصلاة والسلام).
نسألكم الدعاء.
تقبلوا تعازي إخوانكم في مؤسَّسة أنبياء أولي العزم(ع)
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا