سلام الله عليكِ أيتها العفيفة،، سلام الله عليكِ أيّتها العذراء،، يا أم نبي الله المسيح عليه الصلاة والسلام
هي مريم بنت عمران، من نسل النّبي إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، ومن نسل النبي هارون أخو نبي الله موسى سلام الله وصلواته عليهما.
روي أنّ (حنة) زوجة عمران كانت أمرأة عاقراً… إلى أن عجزت وكبرت في العمر؛ عندما رأت طائراً يطعم فرخه تحركت عواطفها نحو الأمومة، فقالت: يا رب! إني أنذر لك نذراً -و”النذر” هو من أسمى ألوان التقرب إلى الله تعالى- إن رزقتني ولداً لوهبتك به لخدمة البيت المُقدَّس وعبادتك؛ فاستجاب الله دعاءها، وفي فترات الحمل توفي زوجها عمران.
وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الحادثة بقوله تعالى: {ربِّ إِنِّي نَذَرتُ لكَ ما في بَطْنِي مُحْرَّراً فتَقَـبَّل مِنّي إنّكَ أنتَ السَّميعُ العَليم} [آل عمران: 35].
كانت حياة السيدة العذراء مجموع من الابتلاءات والامتحانات والمصائب، وكانت أمرأة صابرة، وأول تلك الابتلاءات هي أن أمها كانت ترجو من الله أن يرزقها ولد، ولكن الله رزقها أنثى، لكن الذكر ليس كالأنثى يقوم بخدمة البيت المقدس، فتأسّفت واعتذرت (حنة) من الله عز وجل فقالت:
{ربِّ إنّي وَضعتُها أُنثَى واللهُ أعلمُ بما وضَعَتْ وليسَ الذَّكرُ كالأُنثَى} [آل عمران: 36].
لكن الله عز وجل قبل ذاك العذر منها، وجعله مباركاً {فتقبَّلَها ربُّها بقَبولٍ حَسنٍ وأَنبتَها نَباتاً حَسناً} [آل عمران: 37].
وكذا تربت يتيمة الأب والأم، فكفالها الله تعالى نبيه زكريا”عليه الصلاة والسلام” واهتم برعايتها، وهكذا كانت تخلو في المسجد المقدس لتعبد الله وبيتها كان المسجد، وبعناية ورحمة وبلطف الله عليها كان سبحانه يرزقها بالطعام، وكلما دخل عليها زكريا المحراب قال لها من أين لك هذا يكون جوابه{هوَ منْ عندِ اللهِ يَرزِقُ اللهُ من يشاءُ بغيرِ حساب} [آل عمران: 37].
وكانت ألوان السعادة الحقيقة تحيط بها لخدمة هذا البيت المبارك وطوال هذه المدة كانت فتاة قانتة عابدة، تحيي معظم لياليها في البيت المقدس بذكر الله والصلاة والعبادة، فآتاها الله من كرامات الدنيا والآخرة واصطفاها على نساء زمانها وأكملهن إيماناً وشرفاً، وأحصن فرجها، وكانت مصدِّقة لكلمات ربها.
الابتلاء الأكبر:-
وكان الابتلاء الأكبر لما أن بشرها الله تعالى بولد منها بغير زوج أو أب لهذا الابن، إلا أنها كانت تعلم بأن هذا أمر الله لا راد لحكمة الله تعالى وحكمه.
وبعد أن حملت ودارت الأيام وكبر بطنها خرجت من محرابها إلى مكان بعيد لا يكون ملفت إلى الأنظار، فتثار عليها الاتهامات والتأويلات الكاذبة؛ التجأت إلى مكان بعيد وهي وحيدة كالطريدة لا أنيس بجوارها ولا قريب عندها، فأتاها المخاض بجانب جذع النخلة، وعندما وضعت طفلها أتاها النداء الإلهي ليطمئنها ويعطيها الأمن والأمان.
فناداها مولودها من تحتها: {ألَّا تَحزنِي قد جَعلَ ربُّك تحتَكِ سَرِيّا وهُزِّي إليكِ بجِذْعِ النَّخلةِ تُساقطُ عليكِ رطباً جَنِيّاً} [مريم: 24ـ 25].
فآتاها سبحانه المعجزات مترابطة من ينابيع وسرياً من تحتها فجرها الله لها وهي أمرآة ضعيفة عند الولادة، وتستطيع أن تهز بجذع النخلة ليتساقط عليها ما تأكله من خيرة الطّعام وأزكاه كما كان ينزّل لها وهي في محرابها قبل حملها وولادتها لابنها.
وهنا جمعت سيدتنا الطاهرة كل هذه المصاعب لحتى تمنت الموت كما أشار القرآن الكريم {قالتْ يا ليتني متُّ قبلَ هذا وكنتُ نَسْيَاً مَنسِيَّاً} [مريم: 23].
أمَّا مسألة لقاءها لقومها، فقد تُكفِّل هذا الأمر إلى الرحمن، حيث أمرها بالصوم عن الكلام، وأن تدع أبنها السيد العظيم أن ينطق ويتولى الدفاع والمحاماة عن والدته الطاهرة العفيفة، وعن عرض رسالته، وكذا لعرض مهمّته الرسالية والرسالة العظيمة التي سيؤديها لكافة البشرية.
ولمّا أتت به إلى قومها,بدأ على وجوهم علامات من التعجب والأستغراب والأندهاش، فأشارت إلى طفلها، فاستنكر القوم ذلك وقالوا كيف نكلم طفلاً وليداً ولهذا أشارة الآية:
{ كيفَ نكلِّمُ مَنْ كانَ في المَهْدِ صَبيّاً} [مريم: 29].
فآتاها الله تعالى معجزته لذلك الطفل حيث أنطقه قائلاً: (إني عبُدُ اللهِ أتاني الكتابَ وجعلني نبياً*وجعلني مُباركاً أين ما كُنتُ وأوصاني بالصلاةِ والزكاة ما دُمتُ حياً*وبراً بِولدتي ولم يجعلني جباراً شقياً*والسلامُ على يوم وُلدتُ ويوم أمُوتً ويوم أُبعثُ حياً) [الآية30-31-32] سورة مريم
وهكذا أرد الله عز وجل لمريم المؤمنة وابنها النّبي عيسى المسيح عليهما الصلاة والسلام أن يواصلا مسيرتهما الرسالية التي حمّلها إياهما.
فرحِمكِ الله يا آية الله على خلقه، يا من أختاركِ الله لتحملي في جوفكِ المبارك آيته وكلمته، والسلامُ عليكِ يوم ولدتِ ويوم متِ ويوم تبعثين حيّة
والسلام على ولدك السيد العظيم يوم ولد ويوم رُفع للسماء ويعود للحياة.
—————————
عظم الله لكم الأجر
عضو الجماعة: ياصاحب الزمان
للتعلیق أو مطالَعة التعلیقات اضغط هنا